للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سماع خطبته، وبهذا تجتمع الأخبار وتتفق الأدلة، فإن قدر التعارض فحديث الباب أقوى؛ لأنه قول ونص، وذلك سكوت، والنص أقوى من السكوت.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم جميع أنواع الكلام والإمام يخطب ولو كان أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر، كقوله لصاحبه: أنصت، وإذا كان من يتكلم بمثل ذلك يعد لاغيًا، فغيره من باب أولى.

لكن استثنى العلماء الكلام الواجب كتحذير الضرير من البئر أو من يخاف عليه نارًا أو حية أو نحو ذلك، فهذا يجوز؛ لأنه إذا جاز في الصلاة مع إفسادها به فجوازه حال الخطبة من باب أولى.

وقد اختلف العلماء في رد السلام وتشميت العاطس أثناء الخطبة على قولين:

الأول: أن ذلك يجوز، وهو قول لبعض الشافعية، وأبي يوسف من الحنفية، وابن حزم (١)، ورواية عن أحمد هي الصحيح في المذهب (٢)، واستدلوا بالأدلة التي توجب رد السلام وتشميت العاطس، وكل ذلك واجب بالإجماع، قالوا: والإنصات لاستماع الخطبة فيه خلاف كما تقدم؛ ولأنه يجوز تكليم الخطيب وإجابته، ويجوز صلاة التحية للداخل، فصح أن الكلام المأمور به مغلب على الإنصات فيها.

القول الثاني: أن المستمع للخطبة لا يرد السلام ولا يشمت العاطس، وهذا قول أبي حنيفة، ومالك، ورواية عن أحمد (٣)، واستدلوا بحديث الباب، ووجه الدلالة: أن المستمع منهي حتى عن إنكار المنكر، فكذا رد السلام وتشميت العاطس، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس.


(١) "المحلى" (٥/ ٦١)، "المجموع" (٤/ ٥٢٤)، "شرح فتح القدير" (١/ ٤٢١).
(٢) انظر: "مسائل أحمد وإسحاق" (٢/ ٨٧٠ - ٨٧١)، "المغني" (٣/ ١٩٨)، "الإنصاف" (٢/ ٤١٨).
(٣) "المغني" (٣/ ١٩٨)، "شرح فتح القدير" (١/ ٤٢١)، "المدونة" (١/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>