للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: استدل بهذا الحديث من قال: إن صلاة الجمعة بعد صلاة العيد تصير رخصة يجوز فعلها ويجوز تركها، لقوله: " من شاء أن يصلي فليصل" وهذا في حق من صلى العيد، وذلك إذا اجتمعا في يوم واحد؛ لأنهما عيدان اجتمع فيهما عبادتان من جنس واحد، فدخلت إحداهما في الأخرى، ولأن في إيجابهما على الناس تفويتًا لمقصود عيدهم وما سن لهم فيه من السرور والانبساط (١).

لكن من لم يصل الجمعة وجب عليه أن يصلي ظهرًا، على قول جمهور أهل العلم؛ لأن الأدلة مستفيضة في أن صلاة الجمعة إذا فاتت أقيمت مكانها صلاة الظهر، فإن حضر جماعة فذاك وإلا صلى وحده، وإن حضر الجمعة فهو أفضل.

وقاء عطاء: تسقط صلاة الظهر، ولا صلاة بعد العيد إلا العصر، واعتمد في ذلك على روايته لفعل ابن الزبير حين قال: (لم يزد عليهما حتى صلى العصر)، ورجح هذا الشوكاني (٢)، وهذا فيه نظر، فإن الحديث قد سكت عن صلاة الظهر، ولعل ابن الزبير صلاها في بيته، فالجزم بأن مذهب ابن الزبير سقوط صلاة الظهر في هذه الحال غير صحيح (٣).

وأما من لم يصل العيد فإن الجمعة تلزمه، ولا تقوم الظهر مقامها في حقه؛ لأنه لم يصل العيد، والقول بأن العيد يجزئ عن الجمعة هو قول الحنابلة، وهو مروي عن الشعبي والنخعي (٤).

والقول الثاني: أن الجمعة تسقط عمن هو خارج المصر، لأنه يشق عليهم العود لبعد منازلهم، وهذا مذهب عثمان رضي الله عنه، وتبعه الشافعي (٥)، لما روى أبو عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان، وكان


(١) "الفتاوى" (٢٤/ ٢١٠ - ٢١١).
(٢) "نيل الأوطار" (٣/ ٣٢١) ..
(٣) انظر: "التمهيد" (١٠/ ٢٦٨) "سبل السلام" (٢/ ٨٤).
(٤) "الأوسط" (٤/ ٢٩٠)، "المغني" (٣/ ٢٤٢).
(٥) "المجموع" (٤/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>