للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الرابع: الحديث دليل على مشروعية الفصل بين صلاة الفريضة وصلاة النافلة، وذلك إما بالكلام وهي الأذكار المشروعة بين الصلاة، أو بأي كلام آخر يحصل فيه الفصل، أو بالتحول، والانتقال من مكان إلى مكان آخر وذلك ليحصل تمييز الفريضة عن النافلة، لئلا يزاد في الفريضة ما ليس منها، وقد أخرج ابن المنذر (١)، والبيهقي (٢) - بإسناد صحيح - عن ابن عمر أنه رأى رجلاً يصلي بعد الجمعة ركعتين في مقامه، فدفعه، وقال: (تصلي الجمعة أربعًا؟)، وهذا له نظائر في الشريعة، كتعجيل الإفطار وتأخير السحور، والأكل يوم الفطر قبل الصلاة، والنهي عن استقبال رمضان بيوم أو يومين، فهذا كله للفصل بين المأمور به وغير المأمور به، والفصل بين العادة وغيرها.

وقد ذكر العلماء حكمة أخرى وهي تكثير مواضع العبادة، نسب ذلك الشوكاني إلى البخاري والبغوي (٣)؛ لأن مواضع العبادة تشهد للعابد، أخذًا من عموم قوله تعالى: {فما بكت عليهم السماء والأرض} [الدخان: ٢٩]؛ أي: إن الأرض تبكي على صاحب الطاعة، كما ذكر ابن كثير (٤)، وكذا قوله تعالى: {يومئذ تحدث أخبارها} [الزلزلة: ٤]؛ لأن الأرض من جملة الشهود على العباد بأعمالهم، كما أخرجه الترمذي وأحمد من حديث أبي هريرة وإسناده ضعيف (٥)، وورد في آية سورة "الدخان" أحاديث؛ كحديث أنس عند الترمذي وإسناهد ضعيف (٦) أيضًا.

وأكمل أنواع الفصل أن يتحول الإنسان إلى بيته فيصلي فيه النافلة، لحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة؛ صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" متفق عليه، وتقدم في صلاة "التطوع".

وصلاة المرء في بيته النافلة فيها مصالح عظيمة تقدم ذكرها في الباب


(١) "الأوسط" (٤/ ١٢٤).
(٢) "السنن الكبرى" (٣/ ٢٤٠).
(٣) "نيل الأوطار" (٣/ ٢٢٤).
(٤) "تفسير ابن كثير" (٧/ ٢٣٩).
(٥) "جامع الترمذي" (٢٤٢٩) (٣٣٥٣)، "مسند الإمام أحمد" (١٤/ ٤٥٥).
(٦) "جامع الترمذي" (٣٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>