للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتب له" (١)، وهذا من النفل المطلق، إذ ليس للجمعة سنة راتبة قبلية مقدرة بعدد معين، كما في الصلوات الأخرى؛ لأن السنن إنما تثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله، وهو لم يسن للأمة في ذلك شيئًا لا بقوله ولا بفعله، وهذا ما عليه جماهير أهل العلم (٢).

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أن المغفرة الموعودة بها مرتبة على هذه الأمور؛ وهي: الغسل، والتنفل، والإنصات، والصلاة مع الإمام، وهي مغفرة ما بين الجمعة والجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها، وصار يوم الجمعة الذي تفعل فيه هذه الأفعال الجليلة في معنى الحسنة التي تجعل بعشر أمثالها، وقد ورد في أحاديث أخرى زيادة أوصاف مثل: التطيب، وعدم التفريق بين اثنين، وذلك بالقعود بينهما، أو إخراج أحدهما والقعود في مكانه، كما في حديث سلمان رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام، إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى" (٣)، وجاء في حديث أبي أيوب: " وليس من أحسن ثيابه، ولم يؤذ أحدًا" (٤).

فينبغي للمسلم أن يحرص على جميع ما وردت به الأحاديث، فيأتي بما طلب منه الغسل والطيب ولبس أحسن الثياب والتبكير والتنفل والإنصات والصلاة مع الإمام، ويبتعد عما نُهي عنه من التفرقة بين الاثنين والأذية وتخطي الرقاب، ويجتنب الكبائر.

• الوجه الخامس: الجمهور من أهل العلم على أن المراد بالمغفرة؛ مغفرة الصغائر دون الكبائر، فهذه لابد فيها من التوبة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى


(١) أخرجه البخاري (٨٨٣).
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٤/ ١٨٩).
(٣) أخرجه البخاري (٨٨٣).
(٤) أخرجه أحمد (٣٨/ ٥٤٧)، وابن خزيمة (١٧٧٥)، والطبراني في "الكبير" (٤/ ١٦١) وسنده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>