للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: استدل بهذا الحديث فقهاء الشافعية والحنابلة على أن صلاة الجمعة لا تنعقد إلا بأربعين رجلًا (١)، واستدلوا أيضًا بما رواه أبو داود وابن ماجه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكان قائد أبيه بعد ما ذهب بصره، عن أبيه كعب بن مالك أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة، فقلت: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة، قال: لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال: نقيع الخضمات (٢)، قلت: كم أنتم يؤمئذ؟ قال: أربعون (٣).

ومسألة العدد في الجمعة فيها خلاف بين أهل العلم إلى أربعة عشر قولًا أو تزيد، وأكثرها ليس عليه حجة قائمة.

وأرجح الأقوال في هذه المسألة أن الجمعة تنعقد بأقل عدد يطلق عليه الجمع، وهو ثلاثة على الراجح، أو اثنان على القول الثاني، لعموم الأدلة وعدم وجود نص يدل على اشتراط عدد معين.

والقول بأنها تنعقد بثلاثة رواية عن الإمام أحمد، كما في مسائل ابن هانئ، فقد نقل عن أحمد قوله: (إذا فاتت الرجل الجمعة فأدرك رجلين، فيصلون جميعًا، ويؤمهم واحد، ويقوم وسطهم، كذا فعل ابن مسعود بعلقمة والأسود) (٤).

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٥)، والشيخ عبد العزيز بن باز، ومما يؤيد ذلك ما يلي:


(١) "المجموع" (٤/ ٥٠٢)، "المغني" (٣/ ٢٠٢).
(٢) هزم النبيت: موضع من حرة بني بياضة، وأصل الهزم: المنخفض من الأرض، والنبيت أبو حيٍّ من اليمن، والنقيع: بطن الأرض يستنقع فيه الماء مدة، والخضمات -بفتح الخاء وكسر الضاد، وقيل بفتحهما-: موضع بنواحي المدينة.
(٣) رواه أبو داود (١٠٦٩)، وابن ماجه (١٠٨٢)، وسنده حسن؛ لأنه من رواية محمد بن إسحاق، وهو وإن كان مدلساً لكنه صرح بالتحديث عند الدارقطني (٢/ ٥)، والحاكم (١/ ٢٨١) (٣/ ١٨٧)، والبيهقي (٣/ ١٧٦)، فإن صحَّ ذلك وإلا فالحديث معلول.
(٤) "مسائل ابن هانئ" (١/ ٩٠).
(٥) "الاختيارات" ص (٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>