للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن خالد بن علقمة، عن عبد خير (١) قال: (أتانا علي رضي الله عنه وقد صلى، فدعا بطَهور، فقلنا: ما يصنع بالطَّهور وقد صلى؟ ما يريد إلا أن يعلمنا … وساق الحديث إلى أن قال: ثم جعل يده في الإناء، فمسح برأسه مرة واحدة .. الحديث) وقد أخرجه أبو داود - أيضاً - من طريق زائدة بن قدامة، عن خالد به، وأخرجه من طرق أخرى، والحديث صحيح، قال عنه الترمذي: (حديث علي أحسن شيء في هذا الباب وأصح؛ لأنه قد روي من غير وجه عن علي رضوان الله عليه) (٢) وقال البزار: (هذا الحديث قد رواه غير واحد عن خالد بن علقمة، عن عبد خير، عن علي، ولا نعلم أحداً أحسن له سياقاً ولا أتم كلاماً من زائدة). اهـ (٣).

وهذا الحديث بطوله استوفى صفة وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو يفيد ما أفاده حديث حمران عن عثمان رضي الله عنه - السابق - وإنما أتى المصنف بهذا القدر من حديث علي رضي الله عنه لأنها صرحت بما لم يُصرَّح به في حديث عثمان، فإن حديث عثمان ذكر مسح الرأس وظاهره أنها واحدة، لكن في هذا الحديث صرح بأنه مسح رأسه مرة واحدة، مع تصريحه بتثليث ما عداه من الأعضاء، وسيذكره المصنف بعد واحد وعشرين حديثاً مستدلاً بها على مسألة من مسائل الوضوء.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الرأس يمسح مرة واحدة، وأنه لا يكرر مسحه كما يكرر الغسل، ولذا لم يشرع غسله؛ لأنه لو شرع غسله لعظمت المشقة؛ لأن الرأس يكون عليه الشعر غالباً، وإكثار الماء عليه ولا سيما في أيام الشتاء يؤذي الإنسان، ولأنه لو غُسِلَ وهو أعلى البدن لتسرب الماء إلى الثياب، فشرع مسح جميعه، وأقام الشرع ذلك مقام غسله، تخفيفاً ورحمة بالعباد.


(١) يقال: اسمه عبد الرحمن بن يزيد، وقيل غير ذلك، وثقه ابن معين والنسائي والعجلي، من كبار أصحاب علي -رضي الله عنه-.
(٢) "جامع الترمذي" (١/ ٦٤).
(٣) انظر: "البحر الزخار" (٣/ ٤٠ - ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>