للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أدخل يده فمسح رأسه، فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة .. الحديث.

واللفظ المذكور بعد ذلك أخرجه البخاري في كتاب «الوضوء» (١٨٥) باب «مسح الرأس» ومسلم (٢٣٥)، من حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه.

ولعل غرض الحافظ من سياق هذا اللفظ تفسير الإقبال والإدبار في اللفظ الذي قبله، فإن هذا اللفظ أوضح في المراد.

وحديث عبد الله بن زيد قد استوفى صفة وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو يفيد ما أفاده حديث عثمان رضي الله عنه، إلا أن فيه زيادة بيان صفة مسح الرأس، وهي لم ترد في حديث عثمان رضي الله عنه، فلذا ساق الحافظ هذا القدر من الحديث.

الوجه الثالث: في شرح ألفاظه:

قوله: (فأقبل بيديه) أي: بدأ بِقَبْلِ رأسه، يعني مقدمه، والقَبْلُ من كل شيء: خلاف دبره.

قوله: (وأدبر) أي: رجع بهما من دبر الرأس، أي: مؤخره.

قوله: (ذهب بهما إلى قفاه) أي: أوصل يديه إلى قفاه، والقفا: مؤخر الرأس والعنق.

الوجه الرابع: الحديث دليل على وجوب استيعاب الرأس عند المسح، وهو قول مالك والمشهور عن أحمد (١)، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) وابن كثير (٣)، لقوله: (مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر) ويكون فعله صلّى الله عليه وسلّم بياناً لمجمل القران في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} [المائدة: ٦].

وقالت الشافعية وأصحاب الرأي: يجزئ مسح بعض الرأس، بل عند الشافعية يكفي ما يقع عليه اسم المسح وإن قل (٤)؛ لحديث المغيرة أنه صلّى الله عليه وسلّم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة (٥)، قالوا: وهذا يمنع وجوب الاستيعاب،


(١) "الاستذكار" (٢/ ٣٠)، "الإنصاف" (١/ ١٦١).
(٢) "الفتاوى" (٢/ ١٢٣١).
(٣) "تفسير ابن كثير" (٣/ ٤٦).
(٤) "حاشية ابن عابدين" (١/ ٩٩)، "المجموع" (١/ ٣٩٨).
(٥) أخرجه مسلم (٢٧٤) (٨٣)، وسيأتي بعد عشرة أحاديث إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>