للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك من جلب الرحمة ورفع العقوبة، وفي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: "فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره" (١)، وفي حديث عائشة رضي الله عنه: " فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا، وصلوا وتصدقوا" (٢).

وتأمل قوله: (فافزعوا) فإنه يدل على أمور ثلاثة:

الأول: الشعور بالخوف، فإن الأمر بالفزع يعني: أن نشعر بالخوف، وأن ندرك عظم الأمر حتى يتحقق الفزع، إذ لا يمكن فزع بدون خوف، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على قوله صلى الله عليه وسلم: " يخوف الله بهما عباده": (هذا بيان منه صلى الله عليه وسلم أنهما سبب لنزول عذاب الناس، فإن الله إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه، وعصوا رسله، وإنما يخاف الناس مما يضرهم، فلولا إمكان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان في ذلك تخويفًا، قال تعالى: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا} (٣).

الثاني: المبادرة بأداء المأمور به من الصلاة والدعاء والذكر والصدقة وغيرها.

الثالث: أن الالتجاء إلى الله تعالى والفرار إليه عند حصول المخاوف بالدعاء والاستغفار سبب للرضا ومحو ما فرط من العصيان وزوال المخاوف؛ لأن الذنوب سبب البلايا، والعقوبات العاجلة والآجلة، نسأل الله تعالى أن يلطف بنا (٤).

وتحقيق ما دلت عليه هذه اللفظة لا يكون إلا لمن كمل إيمانه بالله تعالى وبما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم قلبه من أمراض الشهوات وأمراض الشبهات، واستقامت حاله، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) أخرجه البخاري (١٠٥٩).
(٢) أخرجه البخاري (١٠٤٤).
(٣) "الفتاوى" (٢٤/ ٢٥٩).
(٤) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>