للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القمر، لأنها نافلة شرعت لها الجماعة، فكان من سنتها الجهر؛ كصلاة الاستسقاء، والعيد والتراويح.

والحديث وإن كان واردًا في كسوف الشمس فالقمر مثله، لجمعه صلى الله عليه وسلم بينهما في الحكم، حيث قال: " فإذا رأيتموهما"، والأصل استواؤهما في كيفية الصلاة ونحوها.

وهذا قول الإمام أحمد، وإسحاق، وابن حزم، وابن المنذر، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة من أهل الحديث (١).

والقول الثاني: أنه لا يشرع الجهر في صلاة الكسوف إن كانت نهارية، ويشرع فيها إذا كانت ليلية، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي ومالك (٢)، واستدلوا بحديث ابن عباس الآتي: " فقام قيامًا طويلًا نحوًا من قراءة سورة البقرة … "، قالوا: ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة لذكر ابن عباس ما قرأ به، ولم يقدر ذلك بغيره.

كما احتجوا بحديث سمرة رضي الله عنه: (صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم في كسوف لا نسمع له صوتًا) (٣).

والراجح الأول لقوة دليله، وصراحته في المراد، فإنه صريح في الجهر في صلاة كسوف الشمس وهي صلاة نهارية، والقياس على الاستسقاء والعيدين قياس قوي، فقد نقل ابن المنذر قول إسحاق بن راهوية: (لو لم يأت في ذلك سنة لكان أشبه الأمر من الجهر تشبيهًا بالجمعة والعيدين والاستسقاء، وكل ذلك نهارًا) (٤).

وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه فليس صريحًا في نفي الجهر، بل يطرقه


(١) "المغني" (٣/ ٣٢٥)، "المحلى" (٥/ ١٠١ - ١٠٢)، "الاختيارات" ص (٨٤).
(٢) "الهداية" (١/ ٨٨)، "المهذب" (١/ ١٦٩)، "مختصر خليل" ص (٤٣).
(٣) أخرجه أبو داود (١١٨٤)، والترمذي (٥٦٢)، والنسائي (٣/ ١٤٠)، وابن ماجه (١٢٦٤)، وأحمد (٣٣/ ٣٣٠) من طريق الأسود بن قيس، عن ثعلبة بن عِبَاد، عن سمرة - رضي الله عنه -.
(٤) "الأوسط" (٥/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>