للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجودان، يطيل فيهما القيام والركوع والسجود والقعود، كل واحد من ذلك أطل مما بعده.

ودل على هذه الصفة أيضًا حديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه، وقد تقدم قبل هذا.

ولا خلاف بين العلماء أن صلاة الكسوف ركعتان، ولم تختلف الأحاديث في ذلك، وإنما اختلف في عدد الركوع في كل ركعة، ففي بعضها في كل ركعة ركوعان، كما في حديث ابن عباس وحديث عائشة رضي الله عنها، وفي بعضها في كل ركعة أربع ركوعات، كما في رواية مسلم من حديث ابن عباس وحديث علي رضي الله عنه، وفي بعضها: في كل ركعة خمس ركوعات، كما في حديث أبي بن كعب، وهذا أكثر ما ورد، وللعلماء في هذه الأحاديث مسلكان:

الأول: القول بتعدد الكسوف، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلاها عدة مرات بصفات مختلفة، وقد عزى الحافظ القول بالتعدد إلى إسحاق (١)، مع أنه لم يثبت عنه الزيادة على أربع ركوعات، والذي نقله عنه ابن المنذر يفيد أن زيادة الركوعات عند عدم الانجلاء (٢).

لكن يشكل على ذلك أنه ورد في هذه الروايات ذكر موت إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وهو لم يتعدد، فعلم أن الواقعة واحدة.

الثاني: القول بعدم تعدد الكسوف وترجيح ما عند البخاري ومسلم على ما عند مسلم فقط، فما اتفق عليه الشيخان في صفة صلاة الكسوف مقدم على ما انفرد به مسلم، كما تقدم، فيحكم عليه بالشذوذ؛ لأن الثقة خالف من هو أوثق منه، وتخطئة من دون الأثبات مقدم على تخطئة الأثبات.

ومما يؤيد القول بعدم التعدد أن أحاديث الكسوف دلت بسياقها على أن هذه الصلاة كانت لأول مرة، وأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يعلمون ماذا يصنع الرسول صلى الله عليه وسلم في وقتها، والمدة بين كسوفها وموت إبراهيم وبين موت النبي صلى الله عليه وسلم


(١) "فتح الباري" (٢/ ٥٣٢).
(٢) "الأوسط" (٥/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>