للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لا تزيد على أربعة أشهر ونصف، فلو كان الكسوف وقع مرة أخرى وصلي لتواترت الهمم والدواعي على نقل ذلك، كما نقل ما قبله بأسانيد كثيرة.

وأصح حديث في صفة صلاة الكسوف هو حديث عائشة رضي الله عنه الثابت في "الصحيحين"؛ لأنه لم يختلف عليه فيه، وهو الذي ساقه صاحب " العمدة"، أما حديث ابن عباس رضي الله عنه فهو ثابت في " الصحيحين" أيضًا، لكن ورد فيه اختلاف، كما تقدم في رواية مسلم.

• الوجه الثالث: استدل بعض العلماء بقول عائشة رضي الله عنها: (ثم قام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: "هما آيتان … " الحديث (١)، وفي رواية قالت: (فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه … ) الحديث (٢)، على مشروعية الخطبة بعد صلاة الكسوف، وهذا قول الشافعي، ورواية عن أحمد، وقول إسحاق، وأكثر أصحاب الحديث (٣).

والقول الثاني: أنه لا يشرع للكسوف خطبة، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وقول أبي حنيفة، ومالك (٤)؛ لأن الخطبة لم تنقل، وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم فليس بخطبة، وإنما أراد أن يبين للناس الرد على من يعتقد أن الكسوف لموت بعض الناس، قالوا: ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أمر الناس بالصلاة والدعاء والصدقة والاستغفار، ولم يأمرهم بخطبة، ولو كانت سنة لأمرهم بها.

والقول الأول أظهر، وهو استحباب خطبة بعد الكسوف، أو يلقي الإمام كلمة في وعظ الناس وحثهم على التقوى والاستغفار والصدقة وبيان أن المعاصي أسباب لغضب الله وعقوبته وأن الطاعة سبب للخير، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) أخرجه البخاري (١٠٤٦)، ومسلم (٩٠١) (٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٠٤٤)، ومسلم (٩٠١) (١).
(٣) "الإنصاف" (٢/ ٤٤٨)، "المهذب" (١/ ١٦٩).
(٤) "المغني" (٣/ ٣٢٨)، "مختصر خليل" ص (٤٣)، "الهداية" ص (٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>