للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبي بكر عند مسلم (١)، وليس فيه تحويل الناس أرديتهم، وإنما فيه الاقتصار على تحويل النبي صلى الله عليه وسلم رداء، وهذا هو المحفوظ، ورواية ابن إسحاق شاذة، لا تقف في مقابلة رواية واحد من هذين الإمامين، فكيف باجتماع روايتهما؟.

والقول الأول لا بأس به؛ لأن القاعدة أن ما ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في حق غيره، ما لم يقم دليل على اختصاصه، كيف وقد عقل المعنى؟

وهو التفاؤل بقلب ما بهم من الجدب إلى الخصب (٢).

فإذا ضم إلى ذلك رواية ابن إسحاق قوي هذا القول، ويؤيده أيضًا قول أنس رضي الله عنه في استسقاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على المنبر: (فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون) (٣)، فإذا شاركوا الإمام في رفع الأيدي في الدعاء فما المانع من مشاركته في تحويل الرداء؟.

وقد ذكر ابن مفلح أنهم يتركون الرداء محولًا حتى ينزعوه مع ثيابهم، لعدم نقل إعادته (٤).

وهل يسحب للنساء تحويل الرداء؟ هذا مفرع على القول الأول، قال الشوكاني باستحباب ذلك (٥)، لعموم (وتحول الناس معه) وقال بعض فقهاء المالكية: لا يستحب ذلك في حقهن (٦)، والقول بالتفصيل جيد، وهو أن المرأة إذا كانت تنكشف عند تحويلها للرداء وينظر إليها الرجال فإنها لا تفعل؛ لأن قلب الرداء سنة، والكشف أمام الرجال فتنة ومحرم.

وأما إذا كانت لا تنكشف أو أنها في مكان خاص، كما يوجد في بعض الجوامع لو صليت فيه صلاة الاستسقاء، فالظاهر أن حكمها حكم الرجال؛ لأن هذا هو الأصل، وهو تساوي الرجال والنساء في الأحكام، إلا ما دل الدليل على الاختلاف بينهما فيه، وهذا رأي الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (٧)، والله تعالى أعلم.


(١) "صحيح مسلم" (٨٩٤) (١).
(٢) "المغني" (٣/ ٣٤١).
(٣) ذكره البخاري تعليقًا (١٠٢٩)، وسيأتي.
(٤) "الفروع" (٢/ ١٦٢).
(٥) "نيل الأوطار" (٤/ ١٤).
(٦) "حاشية الدسوقي" (١/ ٤٠٦).
(٧) "الفتاوى" (١٣/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>