للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجع التاسع: الحديث دليل على أن الإحرام لا يبطل بالموت؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهاهم أن يقربون طيبًا أو يغطوا رأسه، وقال: " إنه يبعث يوم القيامة ملبيًا".

• الوجه العاشر: الحديث دليل على أن المحرم بحج أو عمرة إذا مات قبل إتمام نسكه أنه لا كمل عنه لو كان فرضًا، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أحدًا بإتمام نسكه، ولأنه لو قضي عنه لانتهى منه، فلم يبعث يوم القيامة ملبيًا، فكونه يبعث ملبيًا دليل على أنه باق على نسكه، وقد ذهب الجمهور إلى القول بعموم الحديث لكل من مات محرمًا، وهو قول عثمان وعلي وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، وهو مذهب أحمد والشافعي وإسحاق.

وذهب أبو حنيفة ومالك والأوزاعي إلى أن هذا الحديث خاص بذلك الرجل لقوله: " فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا"، ولم يقل: فإن المحرم، وأما غيره فإن إحرامه ينقطع بموته، ويصنع به كما يصنع بالحلال؛ لأنه بالموت انقطع التكليف.

وأجاب الجمهور بأن العلة هي الإحرام، وهي عامة لكل محرم، والتلبية شعار الإحرام، ولو كان مختصًا بذلك الرجل لم يشر إلى العلة، ولا سيما إن قيل: لا يصح التعليل بالعلة القاصرة، والأصل أن ما ثبت لشخص في زمنه صلى الله عليه وسلم فهو ثابت لغيره إلا بدليل يدل على تخصيصه به (١). ويدل لذلك حديث جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يبعث كل عبد على مات عليه" (٢).

• الوجه الحادي عشر: أن من شرع في عمل طاعة ثم حال بينه وبين إتمامه الموت رجى له أن الله يكتبه في الآخرة من أهل ذلك العمل، والله تعالى أعلم.


(١) انظر: "زاد المعاد" (٢/ ٢٤٥)، "الإعلام" لابن الملقن (٤/ ٤٥٢).
(٢) رواه مسلم (٢٨٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>