للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جواز جمع الحديثين إذا اتحد سندهما في سياق واحد، كما يرى جواز تفريق الحديث الواحد إذا اشتمل على حكمين مستقلين (١).

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (من نومه) تقدم في الحديث الذي قبله.

قوله: (فلا يغمس) لا: ناهية، والمضارع بعدها مجزوم، ولفظ البخاري: «فليغسل يده» كما مضى، والمراد باليد: الكف دون ما زاد عليها، لجريان العادة أن الذي يُدْخَلُ في الإناء من اليد هو الكف، وقوله: «فلا يغمس». أوضح في المراد من رواية الترمذي: «فلا يدخل يده في الإناء» (٢). لأن مطلق الإدخال لا يترتب عليه كراهة، كمن أدخل يده في إناء واسع فاغترف منه بإناء صغير من غير أن تلامس يده الماء، فإنه لا يكون مخالفاً بذلك.

قوله: (في الإناء) المراد إناء الوضوء، كما ورد التصريح بذلك في رواية البخاري المتقدمة: «قبل أن يدخلها في وَضوئه». ويلحق به إناء الغُسْل؛ لأنه وضوء وزيادة، وسائر الآنية استحباباً من دون كراهة، لعدم ورود النهي فيها.

قوله: (حتى يغسلها ثلاثاً) أي: بإفراغ الماء عليها، كما في رواية البزار: «حتى يُفرغ عليها»، و «ثلاثاً» مفعول مطلق نائب عن المصدر أي: غسلاً ثلاثاً، فالغسلة الأولى تزيل الأذى، والثانية تنقِّي الموضع منه، والثالثة للمبالغة في التطهير، وقوله: (حتى) لبيان غاية النهي عن غمس اليد فهو يدل على جواز الاغتراف من الماء بعد غسلها.

قوله: (فإنه لا يدري أين باتت يده) أي: لا يعلم أين كانت يده حين نومه، والجملة تعليل للأمر بالغسل ثلاثاً، ومقتضاه أن اليد بعد القيام من النوم يُشَكُّ في سلامتها من ملامسة شيء يؤثر في الماء.

الوجه الثالث: الحديث دليل على نهي الإنسان أن يغمس يده في


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٢٦٣).
(٢) "جامع الترمذي" (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>