للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإناء إذا قام من النوم حتى يغسلها ثلاثاً، لقوله: «فلا يغمس يده»، وعند البخاري: «فليغسل يده» والأمر للوجوب، والنهي للتحريم، ما لم يصرف عنه صارف، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد.

وقال الجمهور: إن الغسل ليس بواجب، بل هو مستحب، والنهي محمول على الكراهة، وهو رواية عن أحمد (١)؛ لأن الله تعالى قال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] فأمر بالوضوء من غير غسل الكفين في أوله، والقيام من النوم داخل في عموم الآية.

وأما الحديث فهو محمول على الاستحباب، لتعليله بما يقتضي ذلك وهو قوله: «فإنه لا يدري أين باتت يده» وطريان الشك على يقين الطهارة لا يؤثر فيها، كما لو تيقن الطهارة وشك في الحدث، فيدل ذلك على أنه أراد الندب.

والقول الأول أظهر، لقوة مأخذه، فإن الوجوب هو ظاهر الأمر، ولا صارف له، وأما الآية فقد وردت في الوضوء المطلق، والأمر بغسل اليدين ورد في حالة مخصوصة، بدليل مستقل، فيعمل به.

ومحل الخلاف في هذه المسألة إذا لم يتيقن النجاسة على يده، فإن تيقنها بأن رأى أثرها أو رائحتها فالإجماع منعقد على وجوب غسلها قبل إدخالها في الإناء.

الوجه الرابع: ظاهر الحديث أن هذا الحكم وهو غسل اليد قبل إدخالها في الإناء مختص بالقيام من نوم الليل، وهو قول الإمام أحمد، لقوله: «باتت يده»، والبيتوتة لا تكون إلا بالليل - كما تقدم في الحديث قبله - وهذا من باب تخصيص العام بالعلة المنصوصة، وقد ورد ذلك - أيضاً - مقيداً بالليل في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً ولفظه: «إذا قام أحدكم من الليل» (٢).


(١) "المغني" (١/ ١٤٠).
(٢) أخرجه أبو داود (١٠٣)، والترمذي (٢٤) وقال: (هذا حديث حسن صحيح)، وقد ساق مسلم في "صحيحه" إسناد هذه الرواية دون لفظها.

<<  <  ج: ص:  >  >>