للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عند التكفين، وهذا أحد الاحتمالين في الحديث، وعليه يدل قول جابر رضي الله عنه: "فكفن أبي وعمي في نمرةٍ واحدة" (١).

والاحتمال الثاني: أن المراد قطع الثوب الواحد بينهما نصفين، ويكفن كل واحد على حدة؛ لأن في ذلك ستر العورة، وعدم التقاء بشرة الميتين.

الوجه الرابع: الحديث دليل على استحباب تقديم أصحاب الفضل على غيرهم إذا جمعوا في قبر واحد، ويكون التقديم إلى جهة القبلة، فيقدم قارئ القرآن على غيره، وهذا يدل على أن القرآن يرفع مقام الإنسان ويعلي مرتبته إذا تعلمه لوجه الله تعالى، وهذا لا يلزم منه الأفضلية في الدار الآخرة، فقد يكون المؤخر أفضل عند الله تعالى من المقدم، وإنما هذا اترتيب حسب المنزلة في دار الدنيا.

• الوجه الخامس: الحديث دليل على أن شهيد المعركة لا يغسل، والمرد به شهيد المعركة في حرب الكفار، وهذا مذهب الجمهور. والحكمة من كونه لا يغسل: ما ورد في حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قتلى أحد: " لا تغسلوهم، فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكًا يوم القيامة" ولم يصل عليهم (٢).

وأما غير شهيد المعركة كالمبطون والمطعون والمرأة تموت في نفاسها وصاحب الهدم والغريق والحريق (٣) فإنه يغسل كسائر موتى المسلمين، وهذا قول الجمهور من أهل العلم (٤)؛ لأن هؤلاء شهداء في ثوب الآخرة، لا في أحكام الغسل والصلاة، لاختلاف أحكامهم عن أحكام شهيد المعركة.

* الوجه السادس: الحديث دليل على أن الشهيد لا يصلى عليه، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد (٥).


(١) أخرجه البخاري (١٣٤٨)، والنمرة -بفتح النون وكسر الميم-: بردة من صوف أو غيره مخططة. ["فتح الباري" (٣/ ٢١٣)].
(٢) أخرجه أحمد (٢٢/ ٩٧)، وإسناده صحيح.
(٣) انظر: "أحكام الجنائز" ص (٣٨).
(٤) المغني (٣/ ٤٧٦).
(٥) "بداية المجتهد" (٢/ ٤١)، "المجموع" (٥/ ٢٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>