للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول الثاني: أنه يصلى عليه، وهذا قول أبي حنيفة (١)، ورواية عن أحمد، ذكرها ابن قدامة وقال: (إنها محمولة على الاستحباب؛ لأن كلام أحمد يشير إلى ذلك) (٢).

واستدلوا بحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه: " خرج يومًا فصلى على أهل أحد صلاته على الميت … " الحديث (٣).

وفي رواية للبخاري: " صلى رسول الله صلى الله عله وسلم على قتلى أحد بعد ثماني سنين؛ كالمودع للأحياء والأموات … " للحديث (٤).

وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم أحد بحمزة فسجى ببردة، ثم صلى عليه تسع تكبيرات، ثم أتى بالقتلى يصفون، يصلي عليهم وعليه معهم (٥).

والأظهر في هذه المسألة أن الإمام مخير بين الصلاة على الشهيد وتركها، لمجيء الآثار بكل واحد من الأمرين، وهذه إحدى الروايات عن الإمام أحمد، وهي الأليق بأصوله ومذهبه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وبعض الشافعية، وبعض الحنابلة (٦).

وأما حديث عقبة فهو ظاهر في أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى عليهم مثل صلاته على الميت، لكن الأظهر أنها صلاة مودع، لا الصلاة على الجنازة، لأنها تكون قبل الدفن؛ وأما القول بأن المراد الدعاء فظاهر الحديث يرده، والله تعالى أعلم.


(١) "الهداية" (١/ ٩٤).
(٢) "المغني" (٣/ ٤٦٧).
(٣) أخرجه البخاري (١٣٤٤)، ومسلم (٢٢٩٦).
(٤) "صحيح البخاري" (٤٠٤٢).
(٥) أخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" (١/ ٥٠٣)، قال الألباني في "أحكام الجنائز" ص (٨٢): (إسناده حسن، ورجاله كلهم ثقات معروفون، وفيه ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث، وله شواهد).
(٦) "تهذيب مختصر السنن" (٤/ ٢٩٥)، "المجموع" (٥/ ٢٦٠)، "الاختيارات" ص (٨٧)، "الإنصاف" (٢/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>