للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفعله بعض أصحابه بمحضر بقيتهم ولم ينكر عليه، ولا سيما في حق أهل العلم ومن له جهود في مصالح المسلمين، مثل: الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونحو ذلك.

وهذا القول وجيه جدًا، وفيه عمل بجميع الأدلة؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه المنع مما زاد على أربع؛ بل فعله هو وأصحابه من بعده كما تقدم، فكيف يترك مع ثبوته؟! وما فعله الصحابة رضي الله عنهم هو في حكم المرفوع؛ لأن بعض كبار الصحابة أتى بها على مشهد من الصحابة دون أن يعترض عليه أحد منهم.

وأما ما ورد عن عمر رضي الله عنه فلا يعد إجماعًا؛ بل هو من باب تغير الفتوى بتغير الأزمنة والأحوال بناءً على المصحلة، ولا يعني ذلك تغيير الحكم الثابت أو إلغاءه بصفة دائمة، ومثل ذلك ما فعله عمر رضي الله عنه عندما أمضى الطلاق الثلاث على الناس لما رآهم تتابعوا على إيقاعه.

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أن صلاة الجنازة أربع تكبيرات، فيقرأ في الأولى الفاتحة، كما سيأتي، وفي الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كالصلاة عليه في التشهد، وبعد الثالثة يدعو للميت، وإنما كان في الثالثة؛ لأن الدعاء يحتاج إلى ثناء وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فناسب ذلك في الثانية ثم يكبر الرابعة ويسلم (١)، وقد ورد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: السنة في الصلاة على الجنازة: أن يكبر، ثم يقرأ بأم القرآن، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يخلص الدعاء للميت، ولا يقرأ إلا في التكبيرة الأولى، ثم يسلم في نفسه عن يمينه (٢).

• الوجه الخامس: من فاتته بعض التكبيرات دخل مع الإمام فيما أدركه فيه، معتبرًا ذلك أول صلاته، وما يقضيه بعد سلام إمامه هو آخر صلاته، لعموم: " فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" (٣)، فإذا أدرك الإمام في


(١) انظر: "أحكام الجنائز" ص (١٢٧).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٦٤٢٨)، والنسائي (٤/ ٧٥)، وصححه ابن حجر في "الفتح" (٣/ ٢٠٤) وهو مرسل صحابي.
(٣) تقدم تخريجه وشرحه برقم (٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>