للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: ( … إذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا، ثم أقيموا حول قبري قدر ما ينحر الجزور ويقسم لحمها … ) (١)، فهذا كما قال الشيخ عبد العزيز بن باز قاله باجتهاده رضي الله عنه ولم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم تحديد مدة في ذلك، والتقدير بابه التوقيف.

وقد دل على مشروعية الوقوف على القبر القرآن، كما في قوله تعالى: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} [التوبة: ٨٤]، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ودل تخصيصهم بالنهي على أن غيرهم يصلى عليه ويقام على قبره؛ إذ لو كان هذا غير مشروع في حق أحد لم يخصوا بالنهي، ولم يعلل ذلك بكفرهم، ولهذا كانت الصلاة على الموتى من المؤمنين والقيام على قبورهم من السنة المتواترة … ) (٢).

وقد سئل الشيخ عبد الله أبا بطين عن رفع اليدين حال القيام على القبر بعد الدفن، فأجاب بأنها: لا ترفع؛ لعدم وروده (٣)، وقد ورد في "صحيح مسلم" من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبور أهل البقيع رفع يديه ودعها لأهلها (٤)، فإن أخذ هذا الحديث على عمومه (٥) وإلا فالأمر كما قال الشيخ عبد الله أبا بطين.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على إثبات سؤال الميت في قبره عن ربه ودينه ونبيه، كما ثبت في الأحاديث الصحيحة، والصحيح أن السؤال عام للمؤمن والكافر، لقوله تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} [إبراهيم: ٢٧] وقد ورد عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، فذلك قوله: {يثبت الله الذين آمنوا … } " (٦).


(١) "صحيح مسلم" (١٢١).
(٢) "الفتاوى" (١/ ١٦٥)، (٢٧/ ٣٣٠).
(٣) "الدرر السنية" (٣/ ٢٤٩).
(٤) "صحيح مسلم" (٩٧٤) (١٠٣).
(٥) انظر: "فتاوى ابن باز" (١٣/ ٣٣٧).
(٦) أخرجه البخاري (٤٦٩٩)، ومسلم (٢٨٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>