للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: " إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، إنه ليسمع قرع نعالهم، قال: يأتيه ملكان فيقعدانه … " الحديث (١). والقول بأن السؤال عام هو اختيار جمع من المحققين؛ كالقرطبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وآخرين (٢).

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أن الميت ينتفع بالدعاء والاستغفار له، ولو كان لا ينتفع بذلك لما كان في الأمر بالدعاء والاستغفار له معنى، وقد نقل النووي إجماع أهل العلم على أن الدعاء للأموات بنفعهم ويصلهم ثوابه (٣)، وكذا نقل الإجماع شيخ الإسلام ابن تيمية، ووصف من خالف ذلك بأنه من أهل البدع (٤)، واستدلوا بقوله تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} [الحشر: ١٠]، وقوله: تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} [محمد: ١٩]. وحديث: " إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث … أو ولد صالح يدعو له" (٥).

والناس اليوم أو أكثرهم في غفلة عن ذلك، فتراهم يهتمون بتعزية قريب الميت ويتزاحمون على ذلك، ثم ينصرفون دون أن يقفوا على القبر، والميت في هذه اللحظات أحوج ما يكون للدعاء كما تقدم فصار ترك السنة سببًا لاندراسها ونسيانها إلا من القليل.

• الوجه الخامس: في الحديث دليل على إثبات الأخوة الإسلامية بين المسلمين القائمة على رابطة الدين والعقيدة، قال تعالى: {إنما المؤمنون إخوة … } [الحجرات: ١٠]، ومن ثمار هذه الأخوة الحث على الدعاء للميت حتى يخلصوا له الدعاء والاستغفار، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) أخرجه البخاري (١٣٣٨)، ومسلم (٢٨٧٠).
(٢) "التذكرة" للقرطبي ص (٦٢).
(٣) "الأذكار" ص (١٥٠).
(٤) "الفتاوى" (٧/ ٤٩٩) (٢٤/ ٣٠٦).
(٥) أخرجه مسلم (١٦٣١)، وسيأتي شرحه في باب "الوقف" -إن شاء الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>