للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الأنف إلى الحلق فيفسد الصوم، ويلحق بالاستنشاق المضمضة، فيحتاط فيهما الصائم، وإنما اقتصر على ذكر الاستنشاق؛ لأن الإنسان يتمكن من المضمضة فلا يذهب إلى جوفه شيء أكثر من تمكنه من الاستنشاق.

والصارف للأمر عن الوجوب أنه لو كانت المبالغة واجبة لما منعت من أجل الصيام.

الوجه السابع: الحديث دليل على وجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء لقوله: «وبالغ في الاستنشاق» ولما تقدم من الأمر بها، ولقوله في المضمضة: «إذا توضأت فمضمض» وهذا أمر والأمر للوجوب، وهذا مذهب الإمام أحمد، وبه قال ابن المبارك، وابن أبي ليلى، وإسحاق بن راهويه (١).

والقول الثاني: أن المضمضة والاستنشاق سنة في الوضوء، فمن تركهما صح وضوؤه، وهذا قول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، ورواية عن أحمد، واختاره ابن المنذر، وإليه رجع عطاء، كما ذكر ابن المنذر (٢)، واستدلوا باية المائدة {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}.

وجه الدلالة: أن الله تعالى أمر بغسل الوجه، وهو ما تحصل به المواجهة، دون باطنه وهو الفم والأنف، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «عشر من الفطرة .. وذكر منها المضمضة والاستنشاق» (٣)، والفطرة: هي السنة.

قالوا: وأحاديث الأمر بهما محمولة على الندب؛ لأنها إن حملت على الوجوب اقتضت معارضة الآية؛ لأن المقصود بها تأصيل هذا الحكم وتبيينه.

والقول الثالث: أن الاستنشاق واجب والمضمضة سنة، وهو قول جماعة من أهل الظاهر، منهم ابن حزم، وهو قول أبي ثور، ورواية عن أحمد (٤).


(١) "المغني" (١/ ١٦٦).
(٢) "الأوسط" (١/ ٣٧٨)، "المغني" (١/ ١٦٧).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٠).
(٤) "المحلى" (٢/ ٤٩)، "بداية المجتهد" (١/ ٣٨)، "الإنصاف" (١/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>