للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر الأول: أن قوله: " فزوروها" صيغة تذكير، فتتناول الرجال بالوضع، ولا يدخل فيه النساء.

الأمر الثاني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم علل الأمر بشيء لا يكون من المرأة، وهو تذكر الموت وترقيق القلب، وإنما يكون منها الجزع وقلة الصبر.

وأما حديث عائشة رضي الله عنها فليس في ألفاظه ما يدل على التصريح بالزيارة، بل إنه محمول على ما إذا اجتازت في طريقها بمقبرة جاز لها أن تدعو بهذا الدعاء في هذه الحالة، ولا تسمى زائرة حينئذ، ويحتمل أنه كان قبل النهي عن زيارة النساء وأنه كان على البراءة الأصلية، والمقصود أن الحديث ليس بصريح، فلا يقدم على ما هو صريح.

وأما حديث أنس رضي الله عنه فدلالته على المنع أقرب من دلالته على الجواز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقر المرأة؛ بل أمرها بتقوى الله التي هي فعل ما أمر به وترك ما نهى عنه، ومن جملتها النهي عن زيارة النساء القبور، وقال لها: " اصبري" ومعلوم أن مجيئها للقبر وبكاءها مناف للصبر، فهذا منه صلى الله عليه وسلم إنكار لحالها من الزيارة والبكاء، ويدل عليه أنها لما علمت أن الآمر لها من تجب طاعته انصرفت مسرعة وجاءت تعتذر إليه، ثم إن القضية قد تكون قبل لعن زائرات القبور، وعلى هذا فلا يعارض بها أحاديث المنع (١)، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) انظر: رسالة "جزء في زيارة النساء للقبور" بقلم: بكر أبو زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>