للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحنفية، وبعض المالكية (١). واستدلوا بحديث أم عطية رضي الله عنها المتقدم: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) والزيارة من جنس الاتباع، فيكون كل منهما مكروهًا غير محرم.

والراجح القول بالتحريم لما يلي:

أولًا: أن أحاديث النهي صريحة في المراد، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النساء على الزيارة، وهذا من أوضح الأدلة على التحريم؛ لأن اللعن لا يكون إلا على كبيرة.

ثانيًا: أن سد الذرائع ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وإذا كان المقصود من الزيارة تذكر الآخرة والدعاء للميت، وهذا أمر مظنون من المرأة، ومن المؤكد حصول الجزع وقلة الصبر، وقد تشق الجيب وتلطم الخد وما أشبه ذلك، والدعاء يحصل في البيت كما يقول ابن تيمية (٢) وتذكر الآخرة يحصل بأمور أخرى؛ كالوعظ وذكر الموت ونحو ذلك، فما يحصل لهن بالزيارة من المفاسد أعظم مما يحصل من مصلحة يسيرة، والشريعة تحرم الفعل إذا كانت مفسدته أرجح من مصلحته.

ثالثًا: أن الأحاديث التي يستدل بها يجيز الزيارة ليست صريحة في دلالتها كصراحة أحاديث النهي، وبيان ذلك فيما يلي:

أما حديث: " فزوروها" وأنه عام يشمل الرجال والنساء، فعنه جوابان:

الجواب الأول: سلمنا أنه عام، لكنه دخله التخصيص بمثل حديث ابن عباس رضي الله عنه فتخرج النساء من هذا الإذن، وأحاديث التحريم من أظهر القرائن على ذلك.

الجواب الثاني: أن الظاهر عدم دخول النساء لأمرين:


(١) "الكافي" لابن عبد البر (١/ ٢٨٣)، "رد المحتار" (٢/ ٢٤٢)، "المجموع" (٥/ ٣١٠)، "المغني" (٥/ ٥٢٣)، "فتح الباري" (٣/ ١٤٨).
(٢) "الفتاوى" (٢٤/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>