من أن النياحة من الكبائر؛ لأن هذا وعيد شديد لمن مات على النياحة، وكذا قوله:"إذا لم تتب قبل موتها" فهو دليل على أنها من الكبائر؛ لأن شرطها التوبة.
• الوجه الرابع: الحديث دليل على تحريم الاستماع إلى النائحة، وأن المستمعة شريكة للنائحة في اللعن. والحديث وإن كان ضعيفًا كما تقدم لكن عموم الشريعة وقواعدها تدل على ذلك، فهما كالمغتاب والمستمع، شريكان في الوزر، ويقابل ذلك القارئ والمستمع شريكان في الأجر.
وقد دل على ذلك قوله تعالى:{وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم}[النساء: ١٤٠].
قال القرطبي:(فدل بهذا على وجب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم … فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم ينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهله هذه الآية … )(١).
فالواجب على من حضر منكرًا إما الإنكار على الفاعل، أو الانصراف إذا لم يكن له قدرة على الإنكار، والله المستعان.
• الوجه الخامس: الحديث دليل على أن الميت يعذب بسبب النياحة عليه، بمعنى أنه يتأذى ويتألم، وهذا يفيد أنه يجب على أولياء الميت ترك النياحة والمنع من وقوعها، لئلا يعذب الميت بذلك.
ثم إنه إذا كان المقصود من النياحة محبة الميت والتأسف على فقده فكيف ترضى أن تفعل شيئًا يضره؟! فهذا مما ينفر من النياحة.
وأما كيفية تعذيبه بالنياحة فالله أعلم بها، وقد ورد عن النعمان بن