للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشافعي: إن سد الذريعة لا يعتبر أصلاً تُبنى عليه الأحكام. وفي المسألة تفاصيل محلها كتب الأصول، ليتبين محل النزاع، ولأن هناك مسائل اتُفق فيها على سد الذريعة (١)، لكن القول بسد الذرائع هو الذي تدل عليه نصوص الكتاب والسنة، ومن ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: ١٠٨]

ووجه الدلالة: أن الله تعالى حرم سَبَّ الهة المشركين مع كون السب حميةً لله، وإهانة لآلهتهم، حرم ذلك لكونه ذريعة إلى سب الله تعالى، والمصلحة في ترك مسبتهم أرجح من مصلحة سب الهتم، وهذا دليل على المنع من الجائز، لئلا يؤدي إلى المحرم.

ومن السنة: نهي النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يجمع بين المرأة وعمتها أو المرأة وخالتها في النكاح؛ لأن ذلك ذريعة إلى القطيعة المحرمة (٢).

الوجه التاسع: يستدل بهذا الحديث على القاعدة الفقهية (درء المفاسد أولى من جلب المصالح) بمعنى: أن الأمر إذا دار بين درء مفسدة وجلب مصلحة، كان درء المفسدة أولى من جلب المصلحة، ووجه دلالة الحديث على ذلك: أن المبالغة في الاستنشاق فيها مصلحة امتثال أمر الشرع - لأنه مصلحة دينية يثاب عليها المكلف، ومصلحة نقاء الأنف ـ، فسقطت هذه المصلحة في مقابل مفسدة الفطر في الصوم، والله أعلم.


(١) انظر: "إعلام الموقعين" (٣/ ١٤٧)، "إرشاد الفحول" ص (٢٤٦)، و"أصول مذهب الإمام أحمد" ص (٤٩٧) وما بعدها.
(٢) سيأتي ذلك في كتاب النكاح -إن شاء الله تعالى-.

<<  <  ج: ص:  >  >>