للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أعراضهم؛ لأن النهي في قوله: " لا تسبوا" للتحريم، كما هو الأصل في النهي، وقد استدل بالحديث من منع سب الأموات مطلقًا، سواء أكان الميت مسلمًا أم كافرًا، عدلًا أم فاسقًا، بناء على أن (أل) للاستغراق.

وقال آخرون: إن الحديث مختص بأموات المسلمين، وأن (أل) في (الأموات) عهدية وليست استغراقية؛ لأن الكفار مما يتقرب إلى الله بسبهم، ولأنه قال: " قد أفضوا إلى ما قدموا" وهذا فيه إشعار بأن المراد المسلم.

وذهب فريق ثالث إلى التفصيل في المسألة، وهو أن أموات الكفار يجوز ذكر مساوئهم بشرط ألا يتأذى به قريبه الحي المسلم، فإن كان لا يتأذى بسبه أحد، أو كان الكافر مؤذيًا للمسلمين متعرضًا لحرماتهم فلا مانع من سبه.

وأما المسلم فلا يجوز سبه والوقوع في عرضه؛ لأن له حرمة، وهذا من باب الغيبة؛ إلا أن كان فاسقًا وظهرت مصلحة راجحة في سبه؛ فإنه يجوز ذكر مساوئه للتحذير منه والتنفير عنه، لا لقصد سب الأموات، ولكن لقصد تنفير الأحياء عنه وتحذيرهم منه، وقد ورد ما يدل على ذلك كحديث أنس الآتي.

وقد أجمع العلماء على جواز جرح المجروحين من الرواة أحياء أو أمواتًا؛ لأن المصلحة في حفظ السنة تقتضي ذلك. فإن لم يكن مصلحة وجب الكف عنه؛ لأنه أفضى إلى ما قدم

• الوجه الثالث: أشار الحديث إلى الحكمة التي من أجلها نهي عن سب الأموات، وهي أنهم قد أفضوا ووصلوا إلى ما عملوا من خير أو شر، فلا ينفع سبهم فيهم، كما ينفع في الحي؛ لأن الحي ينزجر ويرتدع عن المعصية إذا انتقد فيها، ويحذر الناس منه، وأما بعد موته فقد أفضى إلى ما قدم.

والحكمة الثانية: أن سب الأموات قد يفضي إلى إيذاء الأحياء من أقاربهم، كما في حديث المغيرة. ولا يفهم من ذلك جواز سب الأموات عند عدم تأذي الأحياء؛ كمن لا قرابة له، أو له ولكن لا يبلغهم ذلك؛ لأن سب

<<  <  ج: ص:  >  >>