للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن مهدي: (كنا نستفيد من كتب غندر في شعبة) وكان وكيع يسميه الصحيح الكتاب (١).

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (بثلثي مد) المد: بضم الميم وتشديد الدال، وحدةُ كيلٍ شرعية، وهي ملء كفي الإنسان المعتدل إذا ملأهما ومد يده بهما (٢)، والمد ربع الصاع باتفاق الفقهاء، وهو رطل وثلث، بناء على أن الصاع يزن خمسة أرطال وثلث، الرطل، وهذا عند الشافعية والحنابلة والمالكية (٣).

قوله: (فجعل يدلك) جعل: من أفعال الشروع، واسمها ضمير مستتر يعود على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وجملة (يدلك) خبر (جعل)، ويدلك: بضم اللام ماضيه دلك، من باب (نصر) والدلك: إمرار اليد الغاسلة على العضو المغسول مع الماء.

والغسل: جريان الماء وإسالته على الأعضاء، وعلى هذا فالدلك غسل وزيادة؛ لأن الغسل لا يشترط فيه إمرار اليد على العضو، أما المسح: فهو إمرار اليد على الشيء الممسوح.

الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب التقليل في ماء الوضوء ومثله الغسل، وأن هذا هو هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهذا أقل قدر توضأ به النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، وسيأتي إن شاء الله.

ولا خلاف أن هذا القدر ليس بحد لازم لا يجوز تجاوزه، بل العبرة في ذلك بأداء الواجب وعدم الإسراف، وذلك يختلف باختلاف الناس وأجسادهم ولباقتهم، ولذا اختلف المقدار في حديث أنس عن حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنهما.

وقد نقل الإجماع غير واحد على أن الطهارة غير مقدرة بقدر معين، قال النووي: (أجمع المسلمون على أن الماء الذي يجزئ في الوضوء والغسل غير


(١) "تهذيب التهذيب" (٩/ ٨٥).
(٢) "القاموس" (٤/ ٢١٥).
(٣) "الإيضاح والتبيان" ص (٥٦ - ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>