للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مقدر، بل يكفي فيه القليل والكثير، إذا وجد شرط الغسل وهو جريان الماء على الأعضاء). وقال أيضاً: (أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء ولو كان على شاطئ البحر) (١).

ومما يدل على تحريم الإسراف في الماء حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء» (٢).

فعلى المسلم أن يعوّد نفسه الاقتصاد في الماء، ويحذر من الإسراف الذي وقع فيه كثير من الناس اليوم، بسبب استعمال الأنبوب في الوضوء، ولأجل التعود على الاقتصاد ينبغي للإنسان أن يستعمل إناء يضع فيه ماء الوضوء، لكي يأمن من الإسراف.

الوجه الرابع: الحديث دليل على مشروعية دلك أعضاء الوضوء، والجمهور من أهل العلم على استحبابه وعدم وجوبه، خلافاً للمالكية (٣)؛ لأن الله تعالى أمر بالغسل في اية الوضوء، والغسل لا يشترط فيه إمرار اليد، كما قرره طائفة من أهل اللغة؛ لأنه إسالة الماء على العضو، وإذا ثبت ذلك فلا وجه لاشتراطه؛ لأنه أمر زائد على ظاهر القران وعلى الدلالة اللغوية للفظ الغسل.

لكن إن كان إتمام الوضوء يتوقف على الدلك كأن يكون الماء قليلاً وجب إمرار اليد على العضو من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وعلى هذا يحمل هذا الحديث، فإن وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم بثلثي مد لا يتم إلا بالدلك، وإن كان لا يترتب عليه إتمام الواجب فهو مستحب، لما تقدم، والله أعلم.


(١) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٢٤١).
(٢) أخرجه أبو داود (٩٦) وأحمد (٢٧/ ٣٥١)، وأخرجه ابن ماجه (٣٨٦٤) وليس فيه الاعتداء في الطهور، والحاكم (١/ ١٦٢)، والبيهقي (١/ ١٩٦)، وهو حديث حسن.
(٣) "الكافي" لابن عبد البر (١/ ١٧٠)، "المجموع" (١/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>