للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه كناية لطيفة، فقد كنى عن ملازمته للمسجد وتردده عليه ومحافظه على الصلاة بالجماعة بتعلق قلبه في المساجد، وهذه كناية عن صفة.

قوله: (ورجلان تحابا في الله) أي: اشتركا في جنس المحبة، وأحب كل منهما صاحبه حقيقة لا ظاهرًا فقط، و (في) تعليلية؛ أي: لأجل الله تعالى، لا لغرض دنيوي.

قوله: (اجتمعا عليه وتفرقا عليه) الضمير يعود إلى الحب في الله، والمراد أنهما داما على المحبة لم يقطاعها لعارض دنيوي بل بقيا على ذلك حتى الموت. وعدت هذه الخصلة واحدة مع أن متعاطيها اثنان؛ لأنها لا تتم إلا باثنين. والغرض عد الخصال لا عد جميع المتصف بها.

قوله: (ذات منصب وجمال) أي: أصل وشرف ومال وجمال، ومعنى "دعته": أي: طلبته إلى الفاحشة والزنا بها، فهي كناية عن صفة، وخص النبي صلى الله عليه وسلم ذات الشرف والجمال لشدة رغبة الناس فيها وحرصهم عليها.

قوله: (إني أخاف الله) الخوف من الله: هو الرهبة من عذابه؛ وكأنه قال ذلك ليزجرها عن الفاحشة بتذكيرها بالله، أو ليعتذر إليها، ولا يصدر ذلك إلا عن خوف من الله تعالى، ومتين تقوى وحياء.

قوله: (تصدق بصدقة) التنكير يشمل كل ما يتصدق به، من قليل وكثير، وهل يشمل ذلك الصدقة الواجبة والمندوبة؟ يأتي ذلك إن شاء الله.

قوله: (لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) هذا من مجاز التشبيه، فقد شبه اليد اليمنى بإنسان، واليد اليسرى بإنسان آخر، والمراد بذلك: التدليل على شدة إخفائه الصدقة والإسرار بها بحيث لو فرض أن الشمال رجل متيقظ وتصدق الإنسان بيمينه لما شعر ذلك الرجل عن شماله.

وقد جاء في رواية مسلم: " حتى لا تعلم يمنيه ما تنفق شماله" وهذا قلب في المتن وقع من بعض الرواة. قال القاضي عياض: (كذا روي عن مسلم هنا في جميع النسخ الواصلة إلينا، والمعروف الصحيح: "حتى لا تعلم شماله ما

<<  <  ج: ص:  >  >>