وهذا إسناد صحيح. قال الحاكم:(هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه) وسكت عنه الذهبي، لكن تعقبه ابن عبد الهادي فقال:(ليس كذلك فإن يحيى بن جعدة لم يرو له مسلم، ولكن وثقه أبو حاتم وغيره)(١).
• الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:
قوله:(اليد العليا) هي يد المعطي.
قوله:(اليد السفلى) هي يد السائل، وقد ورد هذا التفسير وما قبله في عدد من الأحاديث مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله:(وابدأ بمن تعول) أي: في الإعطاء والإنفاق ابدأ (بمن تعول) وهم أهل بيتك الذين تنفق عليهم.
قوله:(عن ظهر غنى) أي: ما كان المتصدق به غير محتاج إليه لنفقة عياله وأهله، ولا يحتاجه لسداد دين عن نفسه، وقد ذكر الخطابي أن لفظ (الظهر) يزاد في مثل هذا إشباعًا للكلام.
قوله:(ومن يستعفف يعفه الله) أي: من يطلب العفة واجتناب السؤال (يعفه الله) أي: يوفقه للعفاف ويغنيه عما في أيدي الناس، وييسر له حاجته.
قوله:(ومن يستغن يغنه الله) أي: ومن يستغن بما عنده قل أو كثر ويقتنع به، ويقطع الطمع من نفسه، ويظهر الغنى، فإن الله تعالى يرزقه الغنى عن الناس فلا يحتاج إلى أحد، بل يسد حاجته ويقنعه؛ لأن النفس إن أرسلتها استرسلت؛ وإن فطمتها وقفت وانفطمت.
قوله:(جهد المقل) الجهد بالضم: الوسع والطاقة، وبالفتح: المشقة، والمراد هنا الأول، ومعناه: ما يحتمله حال القليل المال. والمقل بضم الميم وكسر القاف: قليل الماء.
وهذا لا ينافي ما قبله من أن خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى؛ لأن ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس في الصبر على الفاقة والشدة والاكتفاء