للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأقل الكفاية، وذلك أن من كان ماله أقل ثم جاد فهو أفضل ممن كان ماله كثيرًا، فمن اتسعت أمواله وتصدق بألف دينار فإنها لا تقاس بمن تصدق بدينار يكون هو الفاضل عن حاجته، فإنه كلما دعت الحاجة إلى المال وجاد به كان ذلك دليلًا على رغبته فيما عند الله تعالى وطلب ثوابه ورضوانه.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على فضل الصدقة، والترغيب في البذل والإنفاق.

• الوجع الرابع: الحديث دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يبدأ بنفقة عياله وأهله ومن تجب عليه نفقتهم.

• الوجه الخامس: الحديث دليل على أن أفضل الصدقة ما كان عن سعة وفضل وغنى بعد أن يؤدي ما يلزمه نحو أهله وأولاده ثم يجود بعد ذلك على البعيدين. قال تعالى: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العقو} [البقرة: ٢١٩].

والعفو: ما فضل وزاد عن الحاجة، كما قاله غير واحد من السلف (١).

• الوجه السادس: الحديث دليل على استحباب التعفف عما في أيدي الناس، فلا يطلبه بمقاله ولا بلسان حاله؛ بل يثق بربه ويتوكل عليه، ومن استعف عما في أيدي الناس وجاهد نفسه فإن الله تعالى يغنيه بأن يسد حاجته وخلته، ويجعل في قلبه القناعة والغنى، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى" (٢).

والهدى: هو العلم النافع. والتقى: العمل الصالح وترك المحرمات كلها، وهذا صلاح الدين، وتمام ذلك بصلاح القلب وطمأنينته بالعفاف عن الخلق والغنى بالله تعالى، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) "تفسير ابن كثير" (١/ ٣٧٣).
(٢) أخرجه مسلم (٢٧٢١) من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>