للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يغسل ذراعيه حتى يشرع في العضد، ورجليه حتى يشرع في الساقين، وذلك لإدخال المرفقين والكعبين في العضد والساق، كما في لفظ مسلم المتقدم، ولم ينقل عنه زيادة على ذلك.

٤ - ما أخرجه مسلم عن أبي حازم قال: كنت خلف أبي هريرة رضي الله عنه وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يديه حتى تبلغ إبطيه، فقلت: يا أبا هريرة، ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فَرُّوخ (١) أنتم هاهنا؟ لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» (٢).

فهذا ليس فيه جملة «فمن استطاع» ولو كانت من كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم لأوردها أبو هريرة محتجاً بها على أبي حازم الذي أظهر له الارتياب من مد يده إلى إبطه، ولم يحتج إلى الاستنباط الذي قد يخطئ وقد يصيب، ثم لو كان صواباً لم يصل إلى درجة النص في قوة الإقناع.

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (إن أمتي) أي: جماعتي، والمراد بهم أمة الإجابة، وهم من امن به واتبعه؛ لأنهم هم الذين يظهر عليهم أثر الوضوء.

قوله: (يأتون) هذه رواية مسلم، وفي لفظ البخاري: (يُدعون) كما تقدم، ولعل اللفظ الأول رُتِّبَ على الثاني، أي: يدعون فيأتون، والمعنى - والله أعلم - يدعون إلى موقف الحساب أو إلى الميزان أو إلى غير ذلك من مواقف يوم القيامة.

والمراد: أنهم يدعون يوم القيامة من بين الأمم، ووجوههم وأيديهم وأرجلهم تتلألأ نوراً وبياضاً من اثار الوضوء الذي يفعلونه في الدنيا تعبداً له تعالى، وتعظيماً لشأن الصلاة.


(١) فَرُّوخ: بفتح الفاء وتشديد الراء يقال: إنه من ولد إبراهيم - عليه السلام - بعد إسحاق وإسماعيل، فكثر نسله ونما عدده، فولد العجم الذين هم في وسط البلاد، وأراد أبو هريرة هنا الموالي [شرح النووي (٣/ ١٤٢)].
(٢) "صحيح مسلم" (٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>