للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقد أخرجه البخاري في باب (قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا … ») (١٩٠٩) من طريق شعبة، حدثنا محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه … ، وذكر الحديث، وفيه: «فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ».

وقد تكلم العلماء في هذه الزيادة: «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» وقالوا: تفرد بها البخاري عن شيخه آدم، وأكثر الرواة عن شعبة قالوا فيه: «فعدوا ثلاثين» قال الإسماعيلي: فيجوز أن يكون آدم رواه على التفسير من عنده (١).

الوجه الثاني: في شرح ألفاظه:

قوله: (إذا رأيتموه) أي: الهلال، فالضمير عائد إلى مفهوم من السياق؛ كقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: ١]، وقد ورد في الصحيحين: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلالَ»، والمراد: إذا رآه من تثبت به الرؤية.

قوله: (فإن غُمَّ) بضم الغين المعجمة وتشديد الميم، أي: سُتِرَ الهلال وغُطي بغيم أو قَتَرٍ ونحو ذلك، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «فَإِنْ غُبِّي عَلَيْكُمْ» مأخوذ من الغباوة وهي عدم الفطنة، وهي استعارة لخفاء الهلال، وضبطه ابن الملقن بفتح الغين وكسر الباء (٢).

قوله: (فاقدروا له) بضم الدال أو كسرها، أي: أبلغوه قدره؛ وهو تمام ثلاثين يوماً بدليل الروايات المذكورة، وله تفسير ثانٍ: وهو أن معناه: ضيقوا له، من قوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: ٧]، وتضييق العدد أن يجعل شعبان تسعة وعشرين يوماً، وسيأتي ذلك.

الوجه الثالث: الحديث دليل على وجوب صيام رمضان إذا ثبتت رؤية هلاله، وعلى وجوب الفطر إذا ثبتت رؤية هلال شوال، وأن حكم الصوم والفطر معلَّق بالرؤية ولو كانت بواسطة المراصد والآلات التي تكبر المرئيات؛ لأن ذلك رؤية بالعين المشاهدة.


(١) انظر: "سنن البيهقي" (٤/ ٢٠٥)، "نصب الراية" (٢/ ٤٣٧)، "فتح الباري" (٤/ ١٢١).
(٢) "الإعلام" (٥/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>