للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سبب لاشتهار هذه الأمة من بين الأمم يوم القيامة، وذلك ببياض وجوههم وأيديهم وأرجلهم.

وقد تقدم حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت خليلي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» (١).

والمراد: حلية المؤمن في الجنة من مصوغ الذهب وغيره.

الوجه الرابع: استدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة، وقد نسبه الحافظ إلى الحَلِيمِي (٢) وهو من محدثي الشافعية وفقهائهم، ووجه الاستدلال: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خص الغرة والتحجيل بهذه الأمة، ولو كان الوضوء لغيرهم لثبت لهم ما ثبت لهذه الأمة.

والقول الثاني: أن الوضوء ليس مختصاً بهذه الأمة، بل كان موجوداً فيمن قبلهم، وإنما الذي اختصت به الغرة والتحجيل، والدليل على عدم اختصاصها بالوضوء حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة سارة زوج الخليل - عليه الصلاة والسلام - وفيه أن سارة لما طلبها الجبار وأرسل بها الخليل إليه، فقام إليها، فقامت تتوضأ وتصلي، فقالت: «اللهم إن كنتُ آمنت بك وبرسولك، وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط عليَّ الكافر .. الحديث» (٣). فهذا صريح في العمل بالوضوء قبل هذه الأمة، وكذا ما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه - أيضاً - في قصة جريج الراهب، وفيها: «فتوضأ وصلى» (٤).

وهذا هو الأظهر - إن شاء الله تعالى - لقوة دليله، ويؤيده حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن حوضي أبعدُ من أيلةَ من عدن، لهو أشد بياضاً من الثلج، وأحلى من العسل باللبن، ولآنيته أكثر من عدد النجوم، وإني لأصد الناس عنه كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه»،


(١) تقدم تخريجه قريبًا.
(٢) "فتح الباري" (١/ ٢٣٦).
(٣) أخرجه البخاري (٢٢١٧).
(٤) أخرجه البخاري (٣٤٣٦)، ومسلم (٢٥٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>