للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حديث الدارقطني: «لا صِيَام لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ مِنَ اللَّيْلِ»، فقد أخرجه في «السنن» (٢/ ١٧٢) من طريق إسحاق بن حازم، عن عبد الله بن أبي بكر، به، وهو لفظ ابن ماجه - أيضاً ـ.

ولعلَّ الحافظ ذكر هذه الرواية لقوله: «من الليل»، فهو أصرح من قوله: «قبل الفجر».

الوجه الثاني الحديث دليل على أن الصيام لا بدّ له من نية؛ كسائر العبادات، وهذا أمر مجمع عليه، والنية معناها: القصد والإرادة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (اتفق العلماء على أن العبادة المقصودة لنفسها؛ كالصلاة، والصيام، والحج، لا تصح إلا بنية) (١).

وذلك لأن الصيام ترك مختص بزمن معلوم؛ ولأن الإمساك قد يكون لمنفعة بدنية، فاحتاج الصيام إلى نية.

والصيام الذي لا بدّ له من النية؛ هو صيام رمضان، أو قضاء رمضان، أو صيام النذر، ذكر ذلك الترمذي في «جامعه»، وأما صيام التطوع فسيأتي - إن شاء الله تعالى - بعد هذا.

والنية محلها القلب، فمن خطر بباله أنه صائم غداً فقد نوى، وتصح النية في أي جزء من أجزاء الليل، لقوله: «قبل الفجر» والقبلية تصدق على كل جزء من أجزاء الليل، ويؤيد ذلك رواية ابن ماجه والدارقطني: «من الليل»، ومن دلائل النية قيام الصائم للسحور وتهيئته له وإن لم يقم.

الوجه الثالث: اختلف العلماء هل يلزم لكل يوم نية أو يكفي نية واحدة أول يوم من رمضان؟ على قولين:

الأول: أنه يجزئ الصائم نية واحدة لجميع الشهر، ما لم يقطع صومه بسفر أو مرض، وهذا مذهب مالك وإسحاق ورواية عن أحمد (٢)؛ لأن صوم


(١) "الفتاوى" (١٨/ ٢٥٧).
(٢) "الاستذكار" (١٠/ ٣٥)، "المغني" (٤/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>