للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الحديث على ظاهره وهو أنه طعام وشراب حسي؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن مواصلاً.

قوله: (لو تأخر لزدتكم) أي: لو تأخر الشهر لزدتكم في الوصال إلى أن تعجزوا عنه فتسألوا التخفيف عنكم بتركه.

قوله: (كالمنكل لهم) أي: كالمعاقب لهم، وقد ورد في حديث أنس رضي الله عنه، قال: واصل النبي صلّى الله عليه وسلّم آخر الشهر وواصل أناس من الناس، فبلغ النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «لَوْ مُدَّ بي الشَّهْرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالاً يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ … » الحديث (١).

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الوصال في الصيام منهي عنه، والحكمة من النهي عنه؛ ما فيه من الضرر الحاصل أو المتوقع، وإنهاك البدن، وإحداث الملل، والتعرض للتقصير في بعض وظائف الدين من إتمام الصلاة والإكثار من تلاوة القرآن، أو الوظائف الأخرى، وهي الأعمال اليومية التي كلف بها الإنسان.

وقد اختلف العلماء في حكم الوصال على ثلاثة أقوال:

الأول: أن الوصال محرم، وهذا مذهب الأئمة الثلاثة؛ أبي حنيفة ومالك والشافعي (٢)، وعزاه ابن الملقن إلى الجمهور (٣)، وصرح ابن حزم بتحريمه (٤). واستدلوا بدليلين:

١ - ظاهر النهي، قالوا: ومواصلة النبي صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه قَصَدَ بها التنكيل وليس التقرير، لقوله: (كالمنكل لهم) وما كان طريقه العقوبة لا يكون من الشريعة.

٢ - حديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» (٥).


(١) أخرجه البخاري (٧٢٤١)، ومسلم (١١٠٤).
(٢) "الإستذكار" (١٠/ ١٥٣) "المجموع" (٦/ ٣١٨).
(٣) "الإعلام" (٥/ ٣٢٦).
(٤) "المحلى" (٧/ ٢١).
(٥) أخرجه البخاري (١٩٥٤)، ومسلم (١١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>