للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أهل الحديث (١).

واستدلوا بحديث أبي سعيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ … » الحديث (٢).

ورجَّح هذا القول ابن القيم، فقال: (إنه أعدل الأقوال وأسهله على الصائم، وهو في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه تأخر، فالصائم له في اليوم والليلة أكلة، فإذا أكلها في السحر كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره، والله أعلم) (٣).

الوجه الرابع: الحديث دليل على حرص الصحابة رضي الله عنهم على الخير والتأسي بالنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه لما نهاهم عن الوصال، قالوا: إنك تواصل؛ أي: فنحن نتأسى بك ونواصل.

الوجه الخامس: أن الأصل التأسي بالنبي صلّى الله عليه وسلّم حتى يقوم دليل على خصوصية الحكم.

الوجه السادس: ظاهر قوله: «إني لست كهيئتكم»، وفي آخر حديث الباب: «وأيكم مثلي؟»، أن جواز الوصال خاص بالنبي صلّى الله عليه وسلّم دون أمته لوجود الفارق بينه وبينهم، وهو أن الله تعالى يطعمه ويسقيه فلا يتأثر بالوصال، وليس ذلك الأمر بحاصل لهم.

لكن الذي يظهر مما تقدم أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ما نهاهم عن الوصال لأنه خاص به؛ وإنما نهاهم رحمة بهم وتخفيفاً عليهم لئلاً يشق عليهم، فيدل على أن من لا يشق عليه الوصال أنه لا مانع منه، وهذا هو ظاهر قوله: «أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني»، وهذا ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم، كما تقدم، والله تعالى أعلم.


(١) "الاستذكار" (١٠/ ١٥١)، "المغني" (٤/ ٤٣٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٦٣).
(٣) "زاد المعاد" (٢/ ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>