للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن أعلَّه ابن عدي والدارقطني بتفرد ابن مرزوق به، عن الأنصاري، ثم قال: (هذا حديث غريب المتن والإسناد) (١). وقد تابع ابن مرزوق أبو حاتم الرازي عند الحاكم، والبيهقي (٤/ ١٢٩)، وقال ابن عبد الهادي: (المشهور في هذا الحديث هذا اللفظ المخرج في الصحيح، وهذا مروي بالمعنى، والله أعلم) (٢).

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن من أكل أو شرب فصومه صحيح لا نقص فيه، ولا إثم عليه؛ إذ لا قصد له في ذلك؛ بل هو رزق ساقه الله إليه، ولهذا أضاف النبي صلّى الله عليه وسلّم إطعامه وسقيه إلى الله تعالى، وليس عليه قضاء؛ لأنه أُمر بالإتمام، وسُمِّي الذي يُتِمُّ صوماً، فدل على أنه صائم حقيقة، وهذا أمر مجمع عليه، لولا خلاف الإمام مالك، وربيعة الرأي، وابن أبي ليلى، حيث قالوا ببطلان صومه ولزوم القضاء؛ لأن الإمساك عن المفطرات ركن الصوم؛ كمن نسي ركناً من أركان الصلاة، ومعنى: «فليتم صومه» أي: فليتم إمساكه عن المفطرات.

والصواب صحة صومه وأنه لا قضاء عليه، والحديث حجة ظاهرة، وقد خالف جمهور المالكية المتأخرين الإمام مالكاً. وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه - أيضاً - قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِياً أَوْ شَرِبَ نَاسِياً فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ» (٣)، فهذا نص صريح في صحة صومه وعدم قضائه له، لكن الظاهر أن لفظة: (ولا قضاء عليه) شاذة.

الوجه الثالث: قاس الفقهاء على الأكل والشرب بقية المفطرات، لقوله في الرواية الثانية: «من أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا


(١) "الكامل" (٦/ ٢٩١)، "سنن الدارقطني" (٢/ ١٧٨).
(٢) "التنقيح" (٣/ ٢٣١ - ٢٣٢).
(٣) أخرجه ابن خزيمة (١٩٩٠)، والدارقطني (٢/ ١٧٨)، وابن حبان (٨/ ٢٨٨)، والحاكم (١/ ٤٣٠) وقال الدارقطني: (إسناده صحيح)، لكن الحديث عند مسلم (١١٥٥) بدون قول: (ولا قضاء عليه) انظر: "شرح العمدة" لابن تيمية. وكلام المحقق على هذا الحديث (١/ ٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>