للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوهم من هشام بن حسان، وكذا أعله أبو داود والنسائي والترمذي، وآخرون.

وقول الحافظ: (وقواه الدارقطني) أي: قال: (رواته ثقات) - كما تقدم - ولا يلزم من ذلك صحة الإسناد، كما هو معلوم، وقد نقل ابن مفلح عن الدارقطني تضعيف الحديث (١).

ومما يدل على ضعفه أن الإمام البخاري روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (إذا قاء فلا يفطر، إنما يُخرج ولا يُولج .. ) (٢)، ولو كان هذا الحديث ثابتاً ما أفتى أبو هريرة رضي الله عنه بخلافه، فكأن البخاري يرى صحة الموقوف على أبي هريرة رضي الله عنه دون المرفوع.

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن الصائم إذا تقيَّأ مستدعياً للقيء فسد صومه وعليه القضاء، وهذا مذهب الجمهور، وقد علل شيخ الإسلام ابن تيمية - وهو ممن يرى الفطر بالقيء - بأن القيء يضعف البدن ويخرج المادة التي يتغذى بها.

واستدل الجمهور - أيضاً - بحديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قاءَ فأفطر … الحديث (٣).

لكن أجيب عنه بأجوبة:

الأول: أنه حديث مختلف في إسناده، كما قاله البيهقي وغيره من الحفاظ (٤)، وقد ذكره المجد في «المنتقى» بلفظ: (قاء فتوضأ … ) ونسبه لأحمد والترمذي، وليس فيهما، كما ذكر أحمد شاكر (٥).

الثاني: أن هذا كان في صوم التطوع وأنه صلّى الله عليه وسلّم قاء فضعف فأفطر، هكذا روي في بعض الحديث مفسَّراً، ذكر ذلك الترمذي. وقال ابن بطال: (وليس فيه دليل على أن القيء كان مفطراً له؛ وإنما فيه أنه قاءَ فأفطر بعد ذلك) (٦).


(١) "الفروع" (٣/ ١٤٩).
(٢) "فتح الباري" (٤/ ١٧٣)، وهذا الأثر سنده صحيح.
(٣) أخرجه أبو داود (٢٣٨١)، والنسائي في "الكبرى" (٣/ ٣١٤)، وأحمد (٤٥/ ٤٩٢).
(٤) انظر: "السنن الكبرى" (٤/ ٢٢٠)، و"المجموع" (٦/ ٥٤ - ٥٥).
(٥) "جامع الترمذي" (١/ ١٤٣).
(٦) "شرح ابن بطال" (٤/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>