للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثالث: أن هذا مجرد فعل، وهو لا يدل على الإيجاب.

وأما إذا ذرعه القيء وغلبه وخرج منه من غير اختياره فصومه صحيح ولا شيء عليه. قال الخطابي: (لا أعلم بين أهل العلم فيه اختلافاً) (١). وقال ابن قدامة: (هذا قول عامة أهل العلم) (٢)، وقد روى مالك عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: (من استقاء وهو صائم، فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فليس عليه القضاء) (٣).

وذهب بعض أهل العلم إلى أن القيء لا يفطر، وهو قول ابن عباس وأبي هريرة وابن مسعود رضي الله عنهم (٤)، وقال به عكرمة، وهو ظاهر اختيار البخاري، فإنه ساق بعض الآثار الدالة على ذلك، وحكاه ابن حجر رواية عن مالك (٥).

ودليل ذلك أنه لم يصح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في ذلك شيء مع أن القيء مما تعم به البلوى، وتحتاج الأمة إلى معرفة حكمه، وتقدم قول أبي هريرة رضي الله عنه في ذلك.

وقد نقل ابن المنذر الإجماع على بطلان الصوم بتعمد القيء (٦)، ونقله عنه ابن قدامة (٧)، وفيه نظر، لثبوت الخلاف، كما تقدم، والله أعلم.


(١) "معالم السنن" (٣/ ٢٦١).
(٢) "المغني" (٤/ ٣٦٨).
(٣) "الموطأ" (١/ ٣٠٤) وسنده صحيح.
(٤) انظر: "مصنف عبد الرزاق" (١/ ١٧٠)، "المغني" (٤/ ٣٦٨)، "موسوعة فقه ابن مسعود" ص (٤٢٥).
(٥) "فتح الباري" (٤/ ١٧٣ - ١٧٤).
(٦) "الإجماع" ص (٥٣).
(٧) "المغني" (٤/ ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>