للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الصوم أفضل حيث لا مشقة ولا ضرر؛ ولأن هذا هو فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه حيث صام صلّى الله عليه وسلّم هو وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه (١). ولأنه أسرع في إبراء الذمة، وأيسر إذا صام والناس صائمون. وقد رجح هذا القول ابن حجر.

وذهب الإمام أحمد وأصحابه إلى أن الفطر أفضل ولو لم يلحقه مشقة. ودليلهم حديث الباب، فإن قوله: «هِيَ رُخْصَةٌ مِن اللهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ» يدل على أن الفطر أفضل؛ لأن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه (٢)؛ ولأنه قال في الصيام: «وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْه».

والقول الثالث: أن الأفضل هو الأيسر، فمن كان الفطر أيسر عليه وأسهل له فهو أفضل في حقه، ومن كان الصوم أسهل عليه فهو أفضل. وهذا قول عمر بن عبد العزيز، ومجاهد، وقتادة، واختاره ابن المنذر (٣).

وهذا قول قوي تجتمع به الأدلة الكثيرة في موضوع الصيام في السفر ويعمل بها كلها.

واعلم أنه لا فرق في جواز الفطر في السفر بين طول المدة وقصرها، ولا بين السفر الطارئ لغرض، أو المستمر كسائقي الطائرات وسيارات الأجرة، لعموم الأدلة، والرخصة في الإفطار منوطة بالسفر؛ لأنه مظنة المشقة، ولا يشترط حصول المشقة، فلو سافر على الطائرة - مثلاً - فله الفطر؛ لأنه مسافر فارق بلده، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه البخاري (١٩٤٥)، ومسلم (١١٢٢).
(٢) تقدم تخريج ذلك في باب "صلاة المسافر" رقم (٤٣٢).
(٣) "الإشراف" (٤/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>