للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (بدت أنيابه) أي: ظهرت، والأنياب: جمع ناب، وهي السن التي خلف الرباعية.

قوله: (فأطعمه) أمر بمعنى الإباحة.

الوجه الثالث: الحديث دليل على عظم الإثم في جماع الصائم في نهار رمضان، لقول الرجل: (هَلَكْتُ)، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟»، فأقره النبي صلّى الله عليه وسلّم على أن فعله هذا مهلك، ولو لم يكن كذلك لهوَّن عليه الأمر، وفي حديث عائشة رضي الله عنها قال: (احْتَرَقْتُ) (١)، وهذا الرجل كان جاهلاً لما يجب عليه، وليس جاهلاً أن الجماع في رمضان حرام، ولهذا قال: (هَلَكْتُ).

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من جامع في نهار رمضان وجب عليه أغلظ الكفارات، وهي على الترتيب:

١ - عتق رقبة، وظاهر الحديث أنه لا يشترط كونها مؤمنة؛ لأنه أطلق ولم يقيدها بالإيمان، وهذا قول الحنفية، والجمهور على اشتراط الإيمان، من باب حمل المطلق على المقيد؛ لأن الله تعالى اشترط الإيمان في كفارة القتل، مع أن السبب مختلف.

٢ - فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يتخللهما فطر، إلا لعذر كمرض ونحوه.

٣ - فإن لم يستطع، فإطعام ستين مسكيناً.

وهذا قول الجمهور من أهل العلم سلفاً وخلفاً، وأما ما حُكي عن الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير من وجوب القضاء على المجامع بدون كفارة، فهو مبني على أن الحديث لم يبلغهم، كما قال البغوي (٢)، وهذه الكفارة مختصة بالجماع في رمضان.

فإن جامع في قضاء رمضان فسد صومه، وعليه القضاء ولا كفارة؛ لأن


(١) أخرجه البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١١٢).
(٢) "شرح السنة" (٦/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>