الكفارة خاصة برمضان؛ لأن له حرمة خاصة، فالفطر انتهاك لها، بخلاف القضاء؛ فإن الأيام متساوية بالنسبة له.
الوجه الخامس: الحديث دليل على جواز الأكل من طعام الكفارة لمن وجبت عليه إذا كان معسراً والتصدق على أهله، وهذا بناءً على أن العرق الذي أخذه أنه كفارة وليس صدقة، وهذا ظاهر الحديث، كما يقول الحافظ، بشرط أن يكون الإنسان قد أُعطيها كما في هذا الحديث، أما إذا كان هو الذي دفعها فليس له أن يأكل منها، بل يدفعها إلى مستحقها.
والقول الثاني للجمهور وهو: أن ما أخذه ليس كفارة وإنما هو صدقة، والكفارة لا تسقط بالإعسار، بل تبقى ديناً في الذمة، قياساً على سائر الكفارات والديون.
قالوا: وليس في الحديث ما يدل على سقوطها، بل ظاهره عدم سقوطها؛ لأنه لما سأله عن أنزل درجات الكفارة - وهي الإطعام - وقال: لا أجد، سكت النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يبرئ ذمته منها.
والقول الثالث: أن الكفارة تسقط مع العجز عنها، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وأحد قولي الشافعي؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم رخص للرجل أن يطعم التمر أهله، ولو كان كفارة عنه ما جاز ذلك، ولم يبين له بقاء الكفارة في ذمته إلى حين يساره، وتأخر البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
والقول الأول هو الأقرب، فإنه صلّى الله عليه وسلّم قال:«خذ هذا تصدق به»، أي: أطعمه المساكين عنك، ثم لما أخبره بفقره، أذن له أن يطعمه أهله، ولم يقل: إن الكفارة باقية في ذمته، ولو كانت باقية في ذمته لأخبره بذلك.
الوجه السادس: الحديث دليل على أن من وقع في أمر محرم ولم يعرف حكم الشرع؛ أن يسأل أهل العلم عما وقع فيه مخالفاً للشريعة، وأن يخاف من سوء عاقبته، وهذا له نظائر كما في قصة العسيف، وقصة ماعز رضي الله عنه (١)، وغيرهما.