للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه السابع: استدل الجمهور بقوله: (هَلَكْتُ) على أنه كان عامداً عارفاً بالتحريم، وكذا ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين من قوله: (احْتَرَقْتُ)؛ لأن الهلاك والاحتراق مجاز عن العصيان المؤدي إلى ذلك.

قالوا: ولا يدخل في ذلك الناسي ولا الجاهل، فمن جامع ناسياً أو جاهلاً، فلا قضاء عليه ولا كفارة، قال البخاري في «صحيحه»: (وقال الحسن ومجاهد: إن جامع ناسياً فلا شيء عليه) (١).

والقول الثاني: أن الناسي كالعامد تجب عليه الكفارة والقضاء؛ لأن الجماع أعظم المفطرات، ولأنه لا يتصور وقوع النسيان في الجماع، ولأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ترك استفسار المجامع في نهار رمضان هل كان عن عمد أو نسيان؟ وترك الاستفصال في الفعل ينزل منزلة العموم في القول.

والقول الأول أرجح لقوة دليله، ولعموم: «من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة» وتقدم.

الوجه الثامن: اختلف العلماء في حكم المرأة: هل عليها كفارة؟ قولان:

الأول: أنه ليس عليها كفارة، وهذا هو الأصح عند الشافعية، ومذهب داود وأهل الظاهر، ورواية عن الإمام أحمد، ورجحه النووي، ومال إليه ابن قدامة (٢)؛ إذ ليس في الحديث ما يدل على أن الكفارة تلزمها.

والقول الثاني: أن الكفارة تلزمها إذا كانت مطاوعة، وهذا قول مالك، وأصحاب الرأي، وأحمد في أصح الروايتين، وقول للشافعي (٣)؛ لأنها هتكت صوم رمضان بالجماع، فوجب عليها الكفارة كالرجل، وبيان الحكم له بيان في حقها، لاشتراكهما في تحريم الفطر، وانتهاك حرمة الصوم.

وهذا القول هو الأظهر، وهو أن المرأة إن كانت مطاوعة فعليها


(١) انظر: "فتح الباري" (٤/ ١٥٥ - ١٥٦)، "تغليق التعليق" (٣/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٢) "الأم" (٣/ ٢٥١)، "المحلى" (٦/ ١٩٢)، "المغني" (٤/ ٣٧٥)، "المجموع" (٦/ ٣٣٩).
(٣) "الاستذكار" (١٠/ ١٠٨)، "بداية المجتهد" (٢/ ١٨٣)، "المغني" (٤/ ٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>