للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكفارة، لقوة مأخذ هذا القول، وإن كانت مكرهة فلا كفارة عليها، وكونها لم تذكر في الحديث؛ لأنها لم تأت ولم تسأل، وحالها تحتمل أن تكون مكرهة؛ وأن تكون مطاوعة، فلذا سكت عنها النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن كفارة المكرهة على الجماع تلزم زوجها (١).

الوجه التاسع: ذهب الجمهور من أهل العلم إلى وجوب قضاء اليوم الذي حصل فيه الجماع؛ لأنه أفسد يوماً من رمضان، فلزمه قضاؤه، كما لو أفسده بالأكل، فالكفارة عقوبة الذنب الذي ركبه، والقضاء بدل اليوم الذي أفسده (٢).

وذهب ابن حزم وطائفة إلى أنه لا قضاء عليه، وذكر الموفَّق ابن قدامة أنه قول للشافعي (٣)؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يأمر هذا الرجل بالقضاء؛ ولأن هذا متعمد، فلا يقضي من باب التغليظ، وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية: أن كل من تعمد ترك صلاة أو صوم بلا عذر فإنه لا يقضي ولا تصح منه (٤). ورواية: «فصم يوماً مكانه» شاذة، كما تقدم. ولا ريب أن القضاء أحوط وأبرأ للذمة.

الوجه العاشر: جواز وصف الإنسان نفسه بشدة الفقر إذا كان صادقاً ولم يقصد التسخط من قدر الله تعالى؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أقرّ هذا الرجل على ما قال ولم ينكر عليه.

الوجه الحادي عشر: جواز حلف الإنسان على ما يغلب على ظنه؛ لأن الرجل أقسم للنبي صلّى الله عليه وسلّم أنه ليس بين لابتي المدينة أهل بيت أفقر من أهل بيته، فأقره النبي صلّى الله عليه وسلّم، مع أن هذا الأمر لا يدرك باليقين غالباً، والله تعالى أعلم.


(١) "الاختيارات" ص (١٠٩).
(٢) "التمهيد" (٧/ ١٥٧)، "الاستذكار" (١٠/ ٩٨).
(٣) "المحلى" (٦/ ٢٦٤)، "المغني" (٤/ ٣٧٢).
(٤) "الاختيارات" ص (١٠٩)، "منهاج السنة" (٥/ ٢٢٣ - ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>