للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عند أبي هريرة وعند عائشة وأم سلمة … ) (١).

وهذا الحديث روي من مسند عائشة وأم سلمة جميعاً، وروي مفرقاً، كما عند البخاري (٢) ومسلم (٣)، من حديث عائشة رضي الله عنها، وعند مسلم من حديث أم سلمة (٤) رضي الله عنها، وذلك من طريق عبد الله بن كعب الحميدي؛ أن أبا بكر حدثه أن مروان أرسله إلى أم سلمة رضي الله عنها يسألها عن الرجل يصبح جنباً أيصوم؟ فقالت: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصبح جنباً من جماع لا من حلم ثم لا يفطر ولا يقضي). وهذه الرواية فيها زيادة فائدة عما قبلها، وهي نفي القضاء.

الوجه الثاني: في شرح ألفاظهما:

قوله: (كان يصبح) تقدم أن (كان) إذا كان خبرها فعلاً مضارعاً أنها تدل على الاستمرار غالباً، ما لم يوجد قرينة.

قوله: (جنباً) أي: ذو جنابة، وهي شرعاً: كل ما أوجب الغسل من إنزال أو جماع.

قوله: (من جماع) (من) للسببية، وفي رواية مسلم المذكورة: (من جماع غير احتلام).

وتقييده بالجنابة من الجماع لبيان أن تأخير الغسل عن اختيار منه حيث لم يفاجأ بما يوجب الغسل.

وأما قولهما: (من جماع لا من حلم) فمعناه: أنه يصبح جنباً من جماع، ولا يجنب من احتلام، لامتناعه منه؛ لأنه من تلاعب الشيطان، والأنبياء منزهون عن ذلك، خلافاً لمن قال بجواز الاحتلام على الأنبياء أخذاً بقولهما: (من غير احتلام). قال: ولو كان الاحتلام لا يقع من النبي صلّى الله عليه وسلّم لما كان لهذا الاستثناء معنى، والجواب ما تقدم.

الوجه الثالث: الحديث دليل على صحة صوم الجنب وإن لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر. وقد حكى الوزير ابن هبيرة، ومن بعده النووي إجماع


(١) "التمهيد" (٢٢/ ٤٧).
(٢) (١٩٣٠).
(٣) (١١٠٩) (٧٦) (١١١٠).
(٤) (١١٠٩) (٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>