للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن من مات وعليه صوم واجب فإنه يشرع لوليه أن يقضي الصوم عنه؛ لأنه إحسان إليه وبر وصلة.

والحديث مختص بمن كان معذوراً لمرض أو سفر أو حيض أو نفاس، ثم زال عذره وتمكن من القضاء ولم يقض حتى مات، فهذا هو الذي يتناوله الحديث، أما من مات قبل إمكان الصيام، كما لو امتد به المرض أو السفر، أو امتد بها الحيض أو النفاس إلى الموت ولم يجد وقتاً للقضاء، فهذا لا شيء عليه ولا على وليه.

ولا يختص ذلك بالولي، بل كل من صام عنه قضى ذلك عنه وأجزأ؛ لأنه تبرع، فأشبه قضاء الدين عنه، وأما ذكر الولي في الحديث فقد خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب وقوع ذلك من ولي الميت وقريبه، لا من البعيد عنه.

والقول بأنه يجزئ صوم الولي عن الميت، هو قول أصحاب الحديث، وأبي ثور، وجماعة (١).

والقول الثاني: أنه لا يصام عن الميت، وإنما يطعم عنه، على تفاصيل في كتب الفقه، وهذا قول أبي حنيفة، ومالك، وأحمد، والشافعي في الجديد (٢).

الوجه الرابع: الجمهور من أهل العلم على أن الأمر في الحديث محمول على الاستحباب.

وذهب أهل الظاهر إلى أن الأمر للوجوب (٣)، أخذاً بظاهره. والصواب مع الجمهور؛ لأنه لو قيل بالوجوب للزم أن يأثم الولي بعدم القضاء، لكونه ترك واجباً، وهذا لا يصح، لقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: ١٨].


(١) "المجموع" (٦/ ٣٦٨ - ٣٦٩)، "فتح الباري" (٤/ ١٩٣).
(٢) "الاستذكار" (١٠/ ١٦٧)، "الهداية" (١/ ١٢٧)، "المغني" (٤/ ٣٩٨)، "المجموع" (٦/ ٣٦٨).
(٣) "المحلى" (٧/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>