للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الخامس: اختلف القائلون بأنه يصام عن الميت في نوع ما يصام عنه على قولين:

الأول: أنه يصام عنه كل صيام واجب، سواء أكان واجباً بأصل الشرع؛ كصوم رمضان، أم واجباً بالنذر، وهذا قول الشافعية، وابن حزم (١). واستدلوا بعموم الحديث.

والقول الثاني: أنه لا يصام عنه إلا النذر، وما عداه فالإطعام، وهذا مذهب الإمام أحمد؛ بل نص عليه، قال أبو داود: (سمعت أحمد بن حنبل قال: (لا يصام عن الميت إلا في النذر)) (٢). وهو قول الليث وإسحاق.

ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال صلّى الله عليه وسلّم: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي عَنْهَا؟» قالت: نعم، قال: «فَصُومي عَنْ أُمِّكِ».

وفي رواية: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ؟»، قال: نعم، قال: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى» (٣).

قالوا: فيحمل المطلق وهو حديث عائشة، على المقيد وهو حديث ابن عباس الدال على قضاء صيام النذر.

كما استدلوا بآثار وردت عن الصحابة رضي الله عنهم؛ كعائشة وابن عباس بالإطعام عنه، وقاسوا الصيام على سائر العبادات؛ فإنه لا يقوم بها أحد عن أحد، إلا الحج فإنه مخصوص، ولأن الصوم المفروض قد جعل الله له بدلاً في الحياة، وهو الإطعام، فوجب أن يكون له بدلاً بعد الموت، مثل الحياة.


(١) "المحلى" (٧/ ٢)، "المجموع" (٦/ ٣٧٠).
(٢) "المسائل" ص (٩٦)، "المغني" (٤/ ٣٩٩).
(٣) أخرجه البخاري (٤/ ١٩٢ فتح)، ومسلم (١١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>