للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على فضل صوم يوم عرفة، وروى حديثين في عدم صيامه (١).

الوجه الثاني: استدل الفقهاء بهذا الحديث على فضل صيام يوم الاثنين من كل أسبوع؛ لأن هذا يوم عظيم، ولد فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم، وبعث إلى الناس بشيراً ونذيراً، وأنزل الله فيه القرآن، وهذه نعم عظيمة، خص الله بها هذا اليوم.

كما استدلوا على فضل صيام يوم الخميس، بحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه وفيه: (قلت: يوم الاثنين ويوم الخميس. قال: «ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وأحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ») (٢).

الوجه الثالث: يتعلق بعض المبتدعة من الصوفية وأشباههم بهذا الحديث على مشروعية الاحتفال بمولد النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه شرع فيه الصيام، ولا ريب أن هذا الاستدلال عن الصواب بمعزل، ولا تمسك للمبتدعة بهذا الحديث لأمور:

١ - أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يحتفل بيوم مولده في حياته، ولم يحتفل به أصحابه من بعده رضي الله عنهم ولا التابعون لهم بإحسان، ولو كان مشروعاً لسبقونا إليه؛ فإنهم أكثر الأمة محبة لنبيهم صلّى الله عليه وسلّم وأكثرها تعظيماً، أفيكونون ضيعوا هذا الأمر، وتركوا ما هو فاضل ومطلوب تساهلاً أو عدم مسارعة إلى الخير؟! كلا.

٢ - أن العبادات توقيفية، والشارع عيَّن العبادة المشروعة يوم الاثنين، وهي الصيام، فيقتصر على الوارد، ولا يُتعدى إلى غيره.


(١) انظر: "فتح الباري" (٤/ ٢٣٦).
(٢) أخرجه النسائي (٤/ ٢٠١)، وأحمد (٣٦/ ٨٥ - ٨٦) من طريق ثابت بن قيس أبي غصن، حدثني أبو سعيد المقبري، حدثني أسامة بن زيد -رضي الله عنه-. وهذا الحديث معلول، فيه ثابت بن قيس: قال عنه ابن حبان في "المجروحين" (١/ ٢٣٩): "كان قليل الحديث، كثير الوهم فيما يروي، لا يحتج بخبره إذا لم يتابعه غيره عليه" وقد اضطرب في هذا الحديث سندًا ومتنًا.
وعرض الأعمال على الله تعالى يوم الاثنين ويوم الخميس ورد في "صحيح مسلم، (٢٥٦٥)، لكن رجَّح الدارقطني في "العلل" (١٠/ ٨٧) وقفه، قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٣/ ١٩٨): (ومعلوم أن هذا ومثله لا يجوز أن يكون رأيًا من أبي هريرة، وإنما هو توقيف لا يشك في ذلك أحد له أقل فهم)، وانظر: "التتبع" رقم (١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>