للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - أن علة الصوم ليست منحصرة بكونه يوم المولد؛ بل الرسول صلّى الله عليه وسلّم ذكر علة أخرى: وهي إنزال الوحي، وعلة ثالثة: وهي عرض الأعمال على الله، فلماذا تؤخذ علة واحدة فقط وتُعدى إلى أمر لم يشرعه الله ولا رسوله صلّى الله عليه وسلّم؟!

ولا ريب أن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين، ومن التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى، وهذا بصرف النظر عما يقع في هذا الاحتفال من المنكرات العظيمة، والغلو بالرسول صلّى الله عليه وسلّم الذي يصل إلى حدّ الشرك بالله تعالى.

وقد ذكر بعض أهل العلم أن أول من أحدث الاحتفال بالموالد الشيعة الفاطميون، في المائة الرابعة، ثم تبعهم بعض من ينتسبون إلى السنة في هذه البدعة جهلاً وتقليداً، والله المستعان!

الوجه الرابع: الحديث دليل على فضل صيام يوم عرفة وجزيل ثوابه عند الله تعالى، حيث إن صيامه يكفّر ذنوب سنتين.

وإنما يستحب صيامه لأهل الأمصار، أما الحاج فلا يسن له صيامه، بل يفطر تأسياً بالنبي صلّى الله عليه وسلّم وبخلفائه من بعده، وسيأتي ذلك إن شاء الله.

وقد قال بعض العلماء: (إن معنى تكفير ذنوب السنة الآتية؛ أنه يوفق لترك المعاصي فلا يأتي بذنب)، وهذا فيه نظر، والأظهر أن الحديث على ظاهره، وهو أنه تكفّر عنه ذنوبه التي فعلها.

وقد اختلف العلماء في هذا التكفير، هل هو شامل للصغائر والكبائر، أو أنه خاص بالصغائر؟ قولان:

الأول: أنه خاص بالصغائر، وأما الكبائر؛ كالزنا وأكل الربا والسحر، وغير ذلك، فلا تكفرها الأعمال الصالحة، بل لا بدّ لها من توبة، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، لقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: ٣١]، فدلت الآية الكريمة على أن تكفير الصغائر مشروط باجتناب الكبائر، واجتنابها هو التوبة منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>